للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلٌ في صرامة أحكام الجندية وشدتها لعظم المسؤولية التي تحملتها وتوقف سلامة الجميع على قيامها بها وعظم الخطر الذي يعم الجميع إذا أخلت بها.

[تقدير العقوبة]

جرم الهدهد صغير وما كلف الا بما يستطيعه من الوقوف في مكانه والبقاء في مركزه، ولكن جرمه باخلاله بهذا الواجب كان جرماً كبيراً فإن الخلل الصغير مجلبة للخلل الكبير فقدرت عقوبته على حسب كبر ذنبه لا على حسب صغر ذاته.

[تنبيه وإرشاد]

كل واحد في قومه أو في جماعته هو المسؤول عنهم من ناحيته، مما يقوم به من عمل حسب كفاءته واستطاعته، فعليه أن يحفظ مركزه ولا يدع الخطر يدخل ولا الخلل يقع من جهته فإنه إذا قصَّر في ذلك وترك مكانه فتح ثغرة الفساد على قومه وجماعته، وأوجد السبيل لتسرب الهلاك إليهم. وزوال حجر صغير من السد المقام لصد السبيل يفضي إلى خراب السد بتمامه. فاخلال أي أحد بمركزه ولو كان أصغر المراكز مؤد إلى الضرر العام. وثبات كل واحد في مركزه وقيامه بحراسته هو مظهر النظام والتضامن وهما أساس القوة.

[الحق فوق كل أحد]

لقد أغضب سليمان غياب الهدهد فلذا توعده هذا الوعيد وأكده هذا التأكيد. ولكن سلطان سليمان في قوته وملكه ومكانته يجب أن يخضع لسلطان آخر هو أعظم من سلطانه: هو سلطان الحق، والحق فوق كل أحد. وملك سليمان ملك حق فلا بد له من الخضوع لسلطان الحجة ليقيم ميزان العدل، والعدل أساس الملك وسياج العمران (١).


(١) ش: ج ٥، م ١٥، ص ٢٠٣ - ٢٠٨
غرة جمادى الأولى ١٣٥٨ - جوان ١٩٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>