للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به وأعظم التمسك به، وأكثر الاتباع له، فلا كمال الا بالاقتداء بهم، ولا نجاة الا باتباعهم، ولا وصول إلى الله تعالى الا باقتفاء آثارهم. وللمرسل إليهم عجز المخلوق وضعفه، أمام خالقه، وحاجته وافتقاره اليه، وعليه حق عبادته، وطاعته، والرجاء لفضله، والخوف من عقابه، والفكر في آياته، ومخلوقاته، والنهوض للعمل في مرضاته، واستثمار أنواع نعمائه، والشكر له على جميع آلائه. فبمعرفة هذه الأربعة حق معرفتها، ومعرفة مقام كل واحد منها، وما له فيه- كمال الإنسان العلمي الذي هو أصل كماله العملي، والشروط اللازم فيه.

وقد اشتملت هذه الآيات على هذه الأربعة في حق الأمة المحمدية فالمرسل هو {الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} والرسالة هي: {الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} والرسول هو "محمد"- صلى الله عليه وآله وسلم- المخاطب بـ {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} والمرسل اليهم هم العرب الذين {مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ}.

[تمهيد]

لما ضل الخلق عن طريق الحق، والكمال، الذي يوصلهم اليه، إلى مرضاته والفوز بما لديه أرسل اليهم الرسل ليعرفوهم بأن ذلك الطريق هو الإسلام، ويكونوا أدلتهم في السير وقادتهم إلى الغاية، وأنزل عليهم الكتب لينيروا لهم بها الطريق، ويقودهم على بصيرة، ويتركوهم على البيضاء، ليلها كنهارها، لا يهلك عليها إلاَّ من ظلم نفسه، فحاد عن السواء، أو تخلف عن القافلة فكان من الهالكين. فالقافلة هم الخلق، والطريق هو الإسلام، والادلة هم الرسل، والمصابيح هي الكتب، والغاية هو الله جل جلاله.

[السلوك]

فعلى مريد النجاة من المهالك والفوز بأسنى المطالب، وأعلى المراتب

<<  <  ج: ص:  >  >>