للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[جوابه]

الظاهر أنه دعا له وإن لم يصرح بذلك في متن الحديث لقول الأعمى: (اللهم شفعه فيَّ) أي اقبل دعاءه وسؤاله لي.

[الأحكام]

لم يدع الأعمى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يسأله أن يشفيه هو، لأن الدعاء لقضاء الحوائج وكشف البلايا ونجو ذلك هو العبادة، وفي حديث النعمان بن بشير المرفوع «الدُّعاءُ هوَ العِبَادةُ» رواه أحمد وأصحاب السنن. والعبادة لا تكون إلا لله لم يدعه لا وحده ولا مع الله، لأن الدعاء لا يكون إلا لله. وهذا بخلاف ما يفعله الجهال والضلال من طلبهم من المخلوقين من الأحياء والأموات أن يعطوهم مطالبهم ويكشفوا عنهم بلاياهم، وإنما سأله أن يدعو له الله تعالى أن يعافيه وهذا جائز أن يسأل المؤمن من أخيه في حال حياته أن يدعو الله تعالى له. ومن هذا حديث البخاري في سؤال أم أنس ابن مالك من النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يدعو لأنس خادمه، فدعا له. ومن هذا ما رواه الترمذي وأبو داود عن عمر بن الخطاب قال: استأذنت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في العمرة فأذن لي وقال اشركنا يا أخي في دعائك ولا تنسنا زاد في رواية الترمذي فقال: كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا. يعني قوله: أشركنا ... الخ ثم انه توسل بذاته بحسب مقامه عند ربه وهذا على الوجه الأول من الوجهين المتقدمين في فصل التراكيب أو توسل بدعائه، وهذا على الوجه الثاني منهما. فمن أخذ بالوجه الأول قال يجوز التوسل بذاته، ومن أخذ بالوجه الثاني قال إنما يتوسل بدعائه، ثم ان من أخذ بالوجه الأول فهذا الدعاء حكمه باق بعد وفاته كما كان في حياته، ومن أخذ بالوجه الثاني لا يكون بعد وفاته. لأن دعاءه إنما

<<  <  ج: ص:  >  >>