للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دنيا يدعو إلى دنياه فعصمه الله من ذلك، وجعل قلبه يحن إلى ذلك السلف الصالح، يسأل عن سبيلهم ويقتص آثارهم، ويتبع سبيلهم، ليعرض أجرا عظيما، وكذلك فكونوا إن شاء الله.

وعن ميمون بن مهران قال: لو أن رجلا أنشر فيكم من السلف، ما عرف غير هذه القبلة.

وعن سهل بن مالك عن أبيه قال: ما أعرف شيئا مما أدركت عليه الناس إلا النداء بالصلاة، إلى ما أشبه هذا من الآثار الدالة على أن المحدثات تدخل في المشروعات، وأن ذلك قد كان قبل زماننا، وإنما تتكاثر على توالي الدههور إلى الآن.

فتردد النظر بين- أن اتبع السنة على شرط مخالفة ما اعتاد الناس فلا بد من حصول نحو مما حصل لمخالفي العوائد لا سيما إذا ادعى أهلها أن ما هم عليه هو السنة لا سواها، إلا أن في ذلك العبء الثقيل ما فيه من الأجر الجزيل- وبين أن اتبعهم على شرط مخالفة السنة والسلف الصالح، فأدخل تحت ترجمة الضلال عائذا بالله من ذلك إلا أني أوافق المعتاد، وأعد المؤالفين، لا من المخالفين فرأيت أن الهلاك في اتباع السنة هو النجاة، وأن الناس لن يغنوا عني من الله شيئا فأخذت في ذلك على حكم التدريج في بعض الأمور، فقامت علي القيامة وتواترت علي الملامة وفوَّق إلى العتاب سهامه، ونسبت إلى البدعة والضلالة، وأنزلت منزلة أهل الغباوة والجهالة وأني لو التمسك لتلك المحدثات مخرجا لوجدت غير أن ضيق العطن والبعد عن أهل الفطن، رقي بي مرتقا صعبا، وضيق علي مجالا رحبا وهو كلام يشير بظاهره إلى أن اتباع المتشابهات لموافقات العادات أولى من اتباع الواضحات، وإن خالفهت السلف الأول.

وربما ألموا في تقبيح ما وجهت إليه وجهتي بما تشمئز منه القلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>