للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنكاره لها، فترك هذا كله فضيلة. ونقل كلاما آخر لأبي سعيد خارجا عن الموضوع كما سنبينه عندما ننتهي إليه. ونعود الآن إلى بقية ما قاله فقهاؤنا عليهم الرحمة والرضوان.

وسئل الإمام عبد الله العبدوسي ما حكم القراءة بين يدي الجنازة، وكذلك ما يفعله الفقراء (هم الإخوان الطرقيون) أمامها. فأجاب: وكذلك يجب قطع الفقراء من الذكر أمامها على ما جرت به العادة لأنه بدعة ومباهاة. ويقال لولي الجنازة ما تعطيه للفقراء تأثم عليه. أعطه للمساكين صدقة عن وليك الميت فذلك أنفع وأبقى لكما إلى الآخرة. والجنازة على الاعتبار والتذكير والاستبصار والإقبال على أمر الآخرة. وكان السلف الصالح- رضي الله عنهم- يبكون ويحزنون حتى لا يدري الغريب بينهم ولي الميت من غيره، ا. هـ. نقلها من المعيار. وأنت تراه كيف أفتى بوجوب تغيير هذه البدعة المنكرة وجعل ما يعطى للقائمين بها جالبا للإثم على من أعطى. ذلك لأنه أعان على المنكر. والمعين على المنكر كفاعله.

وعقد الوانشريسي فصلا قبيل نوازل النكاح ذكر فيه البدع فجزم ببدعية هذه المحدثات عند الجنائز فقال: ومنها الذكر الجهري أمام الجنائز فإن السنة في اتباع الجنازة الصمت والتفكر والاعتبار وهو فعل السلف. واتباعهم سنة، ومخالفتهم بدعة. وقد قال مالك: لن يأتي آخر هذه الأمة بأهدى مما كان عليه أولها. ا. هـ، فهذه أقوال الفقهاء أهل الفتوى الجارية على أصل مذهب مالك الجاري على مقتضى تلك الأدلة التي بينا، وعليها بنينا.

(عبد الحميد بن باريس)


البصائر: السنة العدد ١٨ الجزائر في يوم الجمعة ١٦ صفر ١٣٥٥هـ الموافق ليوم ٨ ماي ١٩٣٦م الصفحة ١ والعمود ١ و٢ من الصفحة ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>