للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على القبر خلافا لمن شرط ذلك وهو القرافي وليس هو فيما اتخذ سنة للتقرب من القراءة عند دفن الميت على قبره الذي هو موضوعنا. والعبدوسي الذي نقل هذا عنهم هو الذي أفتى- كما قدمنا- بما هو مذهب السلف من السكوت والاعتبار. فلم يفهم من كلام هؤلاء الأئمة- قطعا- خلاف ما أفتى به. وليس عندي مختصر ابن الحاجب ولا مختصر ابن عرفة حتى أعرف ما قالا. وأحسب أنه لو كان لهما قول مقابل لمذهب مالك لذكره شراح مختصر خليل وحواشيهم.

ثم قال فضيلته: (وذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله ووافقهما عياض والقرافي من المالكية وبعض الحنفية إلى استحباب القراءة عند القبر خاصة) وكان عليه - أيضا- أن يذكر مأخذه وأحسبه استند في هذا النقل المجمل المبهم على ما نقله كنون والرهوني والحطاب من كلام القرافي، وقد وقع منهم اختصار في نقله أدى إلى اضطراب فيه، فقال الرهوني نقلا عن القرافي: "مذهب أحمد بن حنبل وأبي حنيفة أن القراءة يحصل ثوابها للميت إذا قرىء عند القبر حصل للميت أجر المستمع" فأوهم أن القراءة عند القبر شرط في مذهبهما ووقع غيره في هذا الوهم فنقل عنهما التفريق بين القراءة عند القبر وعند غيره. ونحن ننقل لك كلام القرافي من الفرق الثاني والسبعين بعد المائة لتتجلى لك حقيقة مذهبهما وموضوع كلامهما.

قال القرافي: "وقسم اختلف فيه هل فيه حجر (أي منع للعامل من نقله لغيره) أم لا. وهو الصيام والحج وقراءة القرآن فلا يحصل شيء من ذلك للميت عند مالك والشافعي رضي الله عنهما. وقال أبو حنيفة وأحمد بن حنبل يصل ثواب القراءة للميت.

فأنت ترى أن الشافعي موافق لمالك خلافا لما زعمه فضيلته، وأن موضوع الكلام في وصول القراءة للميت لا في اتخاذها قربة في المواطن

<<  <  ج: ص:  >  >>