للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلاثة. خلافا لما أوهمه الرهوني وتوهمه غيره وخرج به فضيلته عن الموضوع.

ثم قال القرافي في الفرق المذكور: "ومن الفقهاء من يقول إذا قرىء عند القبر حصل للميت أجر المستمع، وهو لا يصح أيضا لانعقاد الاجماع على أن الثواب، يتبع الأمر والنهي فما لا أمر فيه ولا نهي لا ثواب فيه بدليل المباحات وأرباب الفترات. والموتى انقطع عنهم الأوامر والنواهي. وإذا لم يكونوا مأمورين لا يكون لهم ثواب وإن كانوا مستمعين. ألا ترى أن البهائم تسمع أصواتنا بالقراءة ولا ثواب لها لعدم الأمر لها بالاستماع فكذلك الموتى. والذي يتجه أن يقال ولا يقع فيه خلاف أنه يحصل لهم بركة القراءة لا ثوابها كما تحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده فإن البركة لا تتوقف على الأمر".

فالقرافي بعد ما أيد مذهب مالك ورد على مخالفه ثم على رأي بعض الفقهاء اختار حصول البركة بالقراءة للأموات عند قبورهم، وهو رأي- كما قال العبدوسي فيما تقدم- خارج عن المذهب، ولسنا نكتفي في رده بمجرد أنه خارج عن المذهب بل نرده بأن تحصيل البركة للأموات من خير ما يتقرب به العبد لربه في نفع إخوانه الذين سبقوه إلى الدار الآخرة وما كانت لتفوت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نستدركها عليه فقد حصر الدفن للأموات ولقد زار أهل المقابر وما جاء عنه إلا الدعاء، وما لم يجيء عنه ويدعى أنه قربة فهو البدعة وكل بدعة ضلالة إلى آخر الاستدلال المتقدم.

وأما ما نسبه للقاضي عياض فأصله في شرحه على مسلم في حديث القبرين اللذين مر بهما النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: «أما أنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة

<<  <  ج: ص:  >  >>