للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاعتذار إليه إذا لم يأته، أم كيف ساغ لهذا المسكين أن يقول له لا عذر ينجيك، مم ينجيه هذا العذر؟ إن لو كان ينجيه، أمن اللوم في شأنك والعتاب لأجلك؟ من أنت يا هذا حتى يعتذر سيد الأولين والآخرين لك، ثم لا ينجيه من التقصير في حقك عذر عندك، لقد وضعت نفسك والله في غير محلها وجهلت مقام النبوة وجلالة منصبها. قال:

إن تبق في هجري زائد ... للمولى ندعيك

من هو بالملك موحد ... ينطر في أمرك

أي حق لك على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- حتى صرت تخوفه بأنك تدعوه وتشكو به إلى الله- تعالى- لينظر في أمره، وهل يتصور منه- صلى الله عليه وآله وسلم- تقصير في حق أحد حتى يشكو به إلى الله- تعالى- حاشا ذلك الجناب الكريم، والنبي الرؤوف الرحيم (١)، أن يقصر في خير لأحد في حال حياته وبعد مماته وكيف ذلك وهو الذي قال له الله تعالى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (٢). وهو الذي لما تعرض عليه في قبره أعمال أمته يستغفر للمذنبين، لكنك يا مسكين توهمته كعظماء الدول الذين يقصرون مع من دونهم فيخوفون بمن فوقهم على أنه لم يكن من أدب العبيد أن يهددوا الوزير بسلطة الأمير فأين أنت يا هذا حتى من آداب الوزراء والسلاطين بله الأنبياء والمرسلين.

قال:

عبس بالقول تساعد ... ما نرجوه فيك


(١) القائل إنما أنا قاسم وألله يعطى ... الخ.
(٢) وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>