للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واختار هؤلاء لتنفيذ مخططهم معسكرات الكوفة والبصرة، حيث التربة خصبة تمامًا للمؤامرات، فهي من حيث كونها مدنًا جديدة ليس لها سكان أصليون، وليس لها مثل أو تقاليد، وكان لعبد الله بن سبأ في مراكز الغدر هذه العديد من المؤيدين وقد قام هو بنفسه كما أرسل دعاته ونقباءه فقاموا بالدعاية التي كان من نتيجتها إثارة الفتنة، تلك الفتنة التي خُدع بها الكثيرون من البسطاء، وانطلقت الشرارة الأولى للمؤامرة في الكوفة، أما نيران الفتنة في البصرة فقد أوقدها عبد الله بن سبأ بنفسه، إذ تآمر مع أحد قطاع الطرق المشهورين هناك، ويدعى حكيم بن جبلة، وقاد حركة النقد واللوم والتجريح. إلا أنه أخرج من هناك بسرعة فوصل إلى الكوفة حيث انضم إلى أهل الفتنة التي اشتدت هناك، ثم أخرج من هناك فذهب إلى الشام، لكنه لم يتمكن من التحرك هناك فوصل في النهاية إلى مصر، حيث وجد بها معارضين لعثمان، هما محمد بن أبي حذيفة، ومحمد بن أبي بكر، ونظرًا لعداوتهم الشخصية، قادا حركة العداء ضد عثمان وحكومته. وتُلقي روايات الطبري وابن الأثير الضوء على نشاطاتهم.

وبوصول عبد الله بن سبأ إلى مصر وجدت حركته لها قائدًا. وبدأ عدد المتآمرين ومثيري الفتنة يزداد تدريجيًا، وبعد ذلك، وطبقًا لخطته تم الهجوم على المدينة المنورة مركز الخلافة، حيث وضعت خطة قتل الخليفة الثالث، وطبقًا لهذه الخطة وصل المتآمرون في وقت واحد من ثلاث جهات مختلفة، الكوفة، والبصرة، والفسطاط. ولقد اختاروا وقتًا كانت فيه المدينة خالية من معظم الصحابة الكرام ومن الجيش، فقد كان ذلك في شهر الحج، ووصول المجموعات الثلاث في وقت واحد إلى المدينة إنما يدل على التآمر الدنىء. وكانت ذريعتهم في ذلك هي الحصول على موافقة الخليفة على مطالبهم، وهكذا وحين وافق الخليفة الثالث على مطالبهم بناء على مشورة

<<  <   >  >>