للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ علي محفوظ: [فاعلم أن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تكون بالفعل تكون بالترك، فكما كلفنا الله تعالى باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - في فعله الذي يتقرب به إذا لم يكن من باب الخصوصيات كذلك طالبنا في تركه فيكون الترك سنة، وكما لا نتقرب إلى الله بترك ما فعل لا نتقرب إليه بفعل ما ترك، فلا فرق بين الفاعل لما ترك والتارك لما فعل]. (١)

وبهذا يتضح لكل ذي عقل بطلان دعواهم الزائفة أن التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكون إلا بالفعل، فعلى المسلم ألا يصافح النساء تأسياً واقتداءً بقدوتنا وأسوتنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال ابن النجار الحنبلي: [التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلك كما فعل، لأجل أنه فعل، وأما التأسي في الترك فهو أن تترك ما تركه لأجل أنه ترك]. (٢)

ومما يجدر ذكره هنا أن الجهل بأن السنة النبوية تنقسم إلى فعلية وتركية أوقع كثيراً من الناس في البدع، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - ترك أموراً لم يفعلها مع توفر الداعي لفعلها، ولم يكن هناك مانع من فعلها ومع ذلك تركها الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فدل ذلك على أنها ليست مشروعة وأن الترك هو المشروع كما ترك النبي عليه الصلاة والسلام القراءة على الأموات وكما ترك الأذان لصلاة العيدين والتراويح وكما ترك صلاة ليلة النصف من شعبان ونحو ذلك.

فمن ترك مثلما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو متأس ومقتد به ومصيب للسنة، ومن فعل ما تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو مبتدع مجانب للهدي النبوي.


(١) الإبداع في مضار الابتداع ص ٣٤ - ٣٥.
(٢) شرح الكوكب المنير ٢/ ١٩٦.

<<  <   >  >>