للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأصرح من ذلك كله ما جاء في حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (خلق الله آدم على صورته ... قال اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله) رواه البخاري (١)، وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة في هذا الباب.

وقولكم أن الروايتين تدلان على المصافحة ولا يصح حملهما على الإشارة لأن النهي ورد في عدم التشبه باليهود

والنصارى، فالصحيح أن نحملهما على الإشارة لأن حملهما على المصافحة باطل، وأما النهي عن التشبه باليهود والنصارى في السلام إشارة فالمقصود بذلك هو الاقتصار على الإشارة. وفي حديث أسماء جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين اللفظ والإشارة كما يظهر في رواية أبي داود فسلم علينا.

والتسليم بالإشارة يجوز لمن كان بعيداً بحيث لا يسمع التسليم، فيجوز التسليم عليه بالإشارة ويتلفظ مع ذلك بالسلام. هذا ما أفاده الإمام النووي (٢) والحافظ ابن حجر (٣)، وقال العلامة الجيلاني: ... [والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس وكذا السلام على الأصم]. (٤)


(١) صحيح البخاري مع فتح الباري ١٣/ ٢٣٨ - ٢٤٠.
(٢) الأذكار ص ٢١٠.
(٣) فتح الباري ١٣/ ٢٥٥.
(٤) فضل الله الصمد ٢/ ٤٨٩.

<<  <   >  >>