للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الثالثة عشرة:]

زعموا أن قوله عليه الصلاة والسلام: (إني لا أصافح النساء) لا يعتبر نهياً مطلقاً لأنه قاله في خصوص البيعة. (١)

والجواب: إن هذا الزعم ساقط لأن المعروف عند الأصوليين أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، والأمر كذلك في هذه المسألة، بل إن الحديث يدل على التحريم في حق المسلمين دلالة أولوية إذ قد امتنع عن المصافحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حال البيعة، مع أن الأصل في البيعة أن تكون معاقدة بالأيدي ومصافحة فلإن تكون ممنوعة في غير هذا الموطن أولى وأجدر والأدلة الأخرى التي ذكرناها سابقاً تقوي هذا الفهم والاستدلال، وإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد امتنع عن المصافحة وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن باب أولى أن يمتنع عنها المسلمون غير المعصومين لأن المرأة مشتهاة خلقة واللمس قد يؤدي إلى إثارة الشهوة. والإسلام سد كل الأبواب التي تؤدي إلى إثارة الشهوات محافظة على نقاء المجتمع المسلم وطهره. (٢) قال الحافظ العراقي: [وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه فغيره أولى بذلك والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه]. (٣)

وقال الشيخ الصابوني: [ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما يمتنع عن مصافحة النساء مع أنه المعصوم فإنما هو تعليم للأمة وإرشاد لسلوك طريق الاستقامة، وإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الطاهر الفاضل الشريف الذي لا يشك إنسان في نزاهته وطهارته وسلامة قلبه لا يصافح النساء ويكتفي بالكلام في مبايعتهن مع أن أمر البيعة أمر عظيم الشأن، فكيف يباح لغيره من الرجال مصافحة النساء مع أن الشهوة منهم غالبة والفتنة غير مأمونة والشيطان يجري فيهم مجرى الدم؟!]. (٤)


(١) حكم الإسلام في مصافحة المرأة الأجنبية ص ١٠٣.
(٢) المصدر السابق بتصرف.
(٣) طرح التثريب ٧/ ٤٤ - ٤٥.
(٤) روائع البيان ٢/ ٥٦٦.

<<  <   >  >>