للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: النية: أن ينوي عند شراء البهيمة أنها أضحية، وهذه النية تكفي إن شاء الله. ولا بدَّ من النية، لأن الأضحية عبادة، والعبادة لا تصح إلا بالنية، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه (١).

والنية لا بد منها حتى نميز العمل الذي هو لله تعالى عن غيره ومن ذلك الأضحية.

قال الإمام القرافي تحت عنوان " فيما يفتقر إلى النية الشرعية ": [ ... الأوامر التي لا تكون صورتها كافية في تحصيل مصلحتها المقصودة منها، كالصلوات والطهارات والصيام والنسك، فإن المقصود منها تعظيم الرب سبحانه وتعالى، بفعلها والخضوع له في إتيانها وذلك إنما يحصل إذا قصدت من أجله سبحانه وتعالى، فإن التعظيم بالفعل بدون قصد المعظم محال، كمن صنع ضيافة لإنسان، فانتفع بها غيره من غير قصد، فإنا نجزم بأن المُعَظَّمَ الذي قُصِدَ بالكرامة، دون من انتفع بها من غير قصد، فهذا القسم هو الذي أمر فيه صاحب الشرع بالنية] (٢).

وقال د. عمر الأشقر مبيناً أن النية تميز العبادات عن العادات: [ ... الضحايا والهدايا: كما كان ذبح الذبائح في الغالب لغير الله، من ضيافة الضيفان، وتغذية الأبدان، ونادر أحواله أن يُفْعَلَ تقرباً إلى الملك الديان. شُرِطت فيه النية تمييزاً لذبح القربة عن الذبح للاقتيات والضيافات، لأن تطهير الحيوان بالذكاة كتطهير الأعضاء بالمياه من الأحداث تارة يكون لله، وتارة يكون لغير الله، فالنية واجبة كي يتميز الذي لله عما عداه] (٣).

وقد نص الفقهاء على اشتراط النية في الأضحية.

قال الكاساني: [فمنها نية الأضحية لا تجزئ بدونها لأن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة، والفعل لا يقع قربة بدون النية ... فلا تتعين الأضحية إلا بالنية] (٤).


(١) صحيح البخاري مع الفتح ١/ ١٣، صحيح مسلم بشرح النووي ٥/ ٤٨.
(٢) الأمنية في إدراك النية ص٢٧ - ٢٨.
(٣) مقاصد المكلفين ص٧٠.
(٤) بدائع الصنائع ٤/ ٢٠٨، وانظر الحاوي ١٥/ ٩٩ فما بعدها، الذخيرة ٤/ ١٥٦، المغني ٩/ ٤٤٦، المجموع ٨/ ٤٢٣.

<<  <   >  >>