للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ورد في حديث جندب بن سفيان من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من ذبح قبل الصلاة فليعد ... ومن لم يذبح فليذبح).

فالجواب ما قاله الإمام الشافعي: (فاحتمل أمره بالإعادة أنها واجبة، واحتمل على معنى أنه أراد أن يضحي، فلما قال عليه الصلاة والسلام: (إذا دخل العشر فأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره شيئاً) دل على أنها غير واجبة.

وبلغنا أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان كراهية أن يُرَى أنها واجبة، وعن ابن عباس أنه اشترى بدرهمين لحماً فقال: هذه أضحية ابن عباس] (١).

وقال الحافظ ابن حجر: [بأن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة بإبدالها، لا دلالة فيه على وجوب الأضحية، لأنه ولو كان ظاهر الأمر للوجوب، إلا أن قرينة إفساد الأولى، تقتضي أن يكون الأمر بالإعادة لتحصيل المقصود، وهو أعمُ من أن يكون في الأصل واجباً أو مندوباً] (٢).

وقال الحافظ ابن حجر في موضع آخر: [وقد استدل من قال بالوجوب بوقوع الأمر فيهما بالإعادة.

وأجيب بأن المقصود بيان شرط الأضحية المشروعة، فهو كما لو قال لمن صلى راتبة الضحى مثلاً قبل طلوع الشمس: إذا طلعت الشمس فأعد صلاتك] (٣).

وقال الحافظ ابن حجر في موضع ثالث: [واستدل بقوله (اذبح مكانها أخرى) وفي لفظ (أعد نسكاً) وفي لفظ (ضح بها) وغير ذلك من الألفاظ المصرحة بالأمر بالأضحية، على وجوب الأضحية، قال القرطبي في المفهم: ولا حجة في شيء من ذلك. وإنما المقصود بيان كيفية مشروعية الأضحية، لمن أراد أن يفعلها أو من أوقعها على غير الوجه المشروع خطأً أو جهلاً، فبين له وجه تدارك ما فرط منه.

وهذا معنى قوله (لا تجزئ عن أحدٍ بعدك) أي لا يحصل له مقصود القربة ولا الثواب كما يقال في صلاة النفل لا تجزئ إلا بطهارة وستر عورة] (٤).


(١) مختصر المزني مع شرحه الحاوي ١٥/ ٦٧، وانظر أيضاً معرفة السنن والآثار ١٤/ ١٤ - ١٥.
(٢) فتح الباري ١٢/ ١١٤.
(٣) فتح الباري ١٢/ ٩٩.
(٤) فتح الباري ١٢/ ١١٢.

<<  <   >  >>