للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خامساً: إن الدخان مفتر من المفترات وهذا معروف عند المدخنين وكونه لا يفتر المدمنين عليه فهذا لا يعتبر في إثبات التحريم لأن بعض المدمنين على الخمر لا يسكر من كأس أو كأسين ويحتاج إلى كمية أكبر حتى يسكر فلا يقال إن الخمر في حقه غير محرم وكذلك الحال في الدخان وقد ثبت في الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها: (أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل مسكر ومفتر) حديثٌ صحيح رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، والأصل في النهي أنه يفيد التحريم ما لم ترد قرينه تصرفه عن ذلك.

وبعد هذا العرض الموجز لأهم الأدلة الدالة على تحريم التدخين أقرر ما قاله بعض العلماء المعاصرين من حرمة التدخين بلا شك ولكن حرمته ليست كحرمة الخمر أو الزنا فالمحرمات تتفاوت، فهي على درجات فبعضها يعد من الكبائر وبعضها صغائر وأظن أن التدخين من الأخيرة ومع ذلك فينبغي الإقلاع عن هذه العادة السيئة ولا يجوز التعامل مع كل ما يتعلق بالتدخين كصناعته وبيعه وتوزيعه والدعاية له وتقديمه للناس وغير ذلك.

وأخيراً ينبغي أن يعلم أن قول من يرى أن التدخين مباح قول ضعيف لا وجه له بعد أن ثبت الضرر المؤكد للتدخين عند العامة والخاصة يقول د. يوسف القرضاوي: [ويتبين من هذا التمحيص الذي ذكرناه أن إطلاق القول بإباحة التدخين لا وجه له بل هو غلط صريح وغفلة عن جوانب الموضوع كله ويكفي ما فيه من إضاعة لجزء من المال فيما لا نفع فيه وما يصحبه من نتن الرائحة المؤذية وما فيه من ضرر بعضه محقق وبعضه مظنون أو محتمل].

وإن كان لهذا القول وجه فيما مضى عند ظهور استعمال هذا النبات في سنة ألف من الهجرة حيث لم يتأكد علماء ذلك العصر من ثبوت ضرره فليس له أي وجه في عصرنا بعد أن أفاضت الهيئات العلمية الطبية في بيان أضراره وسيء آثاره وعلم بها الخاص والعام وأيدتها لغة الأرقام.

- - -

<<  <   >  >>