للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومعنى ضارعت فيه النصرانية: أي شابهت لأجله أهل الملة النصرانية من حيث امتناعهم إذا وقع في قلب أحدهم أنه حرام أو مكروه، وهذا في المعنى تعليل النهي.

٧ ـ عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:

((رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها)) رواه مسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وعلل النهي عن لبسها بأنها من ثياب الكفار، وسواء أراد أنها مما يستحله الكفار بأنهم يستمتعون بخلاقهم في الدنيا، أو مما يعتاده الكفار لذلك؛ كما أنه في الحديث قال: ((إنهم يستمتعون بآنية الذهب والفضة في الدنيا، وهي للمؤمنين في الآخرة))، ولهذا كان العلماء يجعلون اتخاذ الحرير

وأواني الذهب والفضة تشبهاً بالكفار، ففي ((الصحيحين)) عن أبي عثمان النهدي قال:

((كتب إلينا عمر رضي الله عنه ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد: يا عتبة! إنه ليس من كدِّ أبيك ولا من كدِّ أمِّك، فأشبع المسلمين في رحالهم مما تشبع منه في رحلك، وإياك والتنعم، وزي أهل الشرك، ولبوس الحرير، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبوس الحرير، وقال: إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما)).

وروى أبو بكر الخلال بإسناده عن محمد بن سيرين أن حذيفة بن اليمان أتى بيتاً فرأى فيه حادثتين فيه أباريق الصفر والرصاص فلم يدخله، وقال: من تشبه بقوم فهو منهم، وفي لفظ آخر: فرأى شيئاً من زي العجم، فخرج، وقال: من تشبه بقوم فهو منهم)).

٨ ـ عن علي - رضي الله عنه - رفعه:

((إياكم ولبوس الرهبان، فإنه من تزيا بهم أو تشبه، فليس مني)) رواه الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به في الشواهد.

٩ ـ عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

((خالفوا المشركين، أحفوا الشوراب، وأوفوا اللحى)) رواه البخاري ومسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

(فأمر - صلى الله عليه وسلم - بمخالفة المشركين مطلقا، ثم قال: أحفوا الشوارب، وأوفوا اللحى، وهذه الجملة الثانية بدلاً من الأولى، فإن الإبدال يقع في الجمل كما يقع في المفردات، قال: فلفظ مخالفة المشركين دليل على أن جنس المخالفة أمر مقصود للشارع، وإن عينت في هذا الفعل، فإن تقديم المخالفة علة تقديم العام على الخاص، كما يقال أكرم ضيفك؛ أطعمه وحادثه، فأمرك بالإكرام أولاً، دليل على أن إكرام

<<  <   >  >>