للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفرع الرابع]

لا نعتمد في إثبات العقائد والأحكام على ما ينسب للنبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من الحديث الضعيف؛ لأنه ليس لنا علم به.

فإذا كان الحكم ثابتاً بالحديث الصحيح مثل قيام الليل، ثم وجدنا حديثاً في فضل قيام الليل بذكر ثواب عليه مما يرغب فيه- جاز عند الأكثر أن نذكره مع التنبيه على ضعفه الذي لم يكن شديداً على وجه الترغيب.

ولو لم يكن الحكم قد ثبت لما جاز الالتفات إليه، وهذا هو معنى قولهم:

(الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال)، أي في ذكر فضائلها المرغبة فيها لا في أصل ثبوتها.

فما لم يثبت بالدليل الصحيح في نفسه، لا يثبت بما جاء من الحديث الضعيف في ذكر فضائله، باتفاق من أهل العلم أجمعين.

[الفرع الخامس]

أحوال ما بعد الموت كلها من الغيب، فلا نقول فيها إلاّ ما كان لنا به علم: بما جاء في القرآن العظيم، أو ثبت في الحديث الصحيح.

وقد كثرت في تفاصيلها الأخبار من الروايات مما ليس بثابت، فلا يجوز الالتفات إلى شيء من ذلك.

ومثل هذا كل ما كان من عالم الغيب مثل الملائكة والجن والعرش، والكرسي، واللوح، والقلم، وأشراط الساعة، وما لم يصل إليه علم البشر.

...

[سؤال الجوارح يوم الهول الأكبر]

{إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.

من قال ما لم يسمع، سئل يوم القيامة سمعه فشهد عليه.

ومن قال: رأيت ولم ير سئل بصره فشهد عليه.

ومن قال: عرفت، ولم يعرف، أو اعتقد ما لم يعلم، سئل فؤاده فشهد عليه: لأنه في هذه الأحوال الثلاثة قد اتبع ما ليس له به علم. وهذه الشهادة كما قال تعالى:

{يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: ٢].

هذه الثلاثة تسئل على وجوه منها ما تقدم، وهو الذي يرتبط به هذا الكلام بما تقدم من النهي.

<<  <   >  >>