للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: ٥٩].

{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} [الأنبياء: ١١].

{وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا} [الطلاق: ٨].

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢].

فأفادت هذه الآيات أن سبب الهلاك والعذاب هو الظلم، والفساد، والعتو، والتمرد، عن أمر الله ورسله، والكفر بأنعم الله.

{وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: ٤٦].

[توجيه]

الطور الأخير للأمم هو الذي ذكر في الآيات كثيراً دون الطور الأول والثاني.

ووجه ذلك:

أنه هو الطور الذي ينتشر فيه الفساد، ويعظم فيه الظلم، وينتهي فيه الإعذار للأمة، ويحل فيه أجلها، فينزل بها ما تستحقه من هلاك أو عذاب فكرر ذكر هذا الطور لزيادة التحذير منه، والتخويف من سوء عاقبته، والحث على تدارك الأمر فيه بالإقلاع عن الظلم والفساد، والرجوع إلى طاعة الله وإعمال يد الإصلاح في جميع الشئون فيرتفع العذاب بزوال ما كان بنزوله من أسباب.

[استنتاج وتطبيق]

القرى التي قضي عليها بالهلاك والاستئصال هذه، قد انتهى أمرها بالموت، وفاتت عن العلاج مثل عاد وثمود من الأمم البائدة.

وأما القرى التي قضي عليها بالعذاب الشديد، فهذه لا تزال بقيد الحياة فتداركها ممكن، وعلاجها متيسر: مثل الأمم الإسلامية الحاضرة: فمما لا شك إن فينا لظلمًا، وعتواً وفساداً وكفراً بأنعم الله، وإننا من جراء ذلك لفي عذاب شديد.

ولا نعني بهذا أن الأمم الإسلامية مخصوصة بهذا، بل مثلها وأقوى منها في أسباب العذاب والهلاك غيرها من أمم الأرض. وإن لهم لقسطهم من العذاب الشديد. وإذا لم يأت المقدار المماثل من الهلاك أو العذاب لما عندهم من أسبابهما؛ فلأنه لكل أمة أجل، ولما يأت ذلك الأجل بعد؛ فإذا جاء لا يستأخرون سعة ولا يستقدمون.

***

<<  <   >  >>