للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القرآن، وأدلة القرآن، فشفوا بعد ما كادوا، كإمام الحرمين (١)، والفخر الرازي (٢).

وقلوبنا معرضة لران (٣) المعصية التي تظلم منها القلوب وتقسو، حتى تحجب عنها الحقائق، وتطمس أمامها سبل العرفان.

فالذي يجلو عنها ذلك الران، ويزيل منها تلك القسوة، ويكشف لها حقائق العلم، ويوضح لها سبل المعرفة هو القرآن العظيم.

فقراؤه المتفقهون فيه، قلوبهم نيرة، مستعدة لتلقي العلوم والمعارف، مستعدة لسماع الحق وقبوله، لها من نور القرآن فرقان تفرق به بين الحق والباطل، وتميز به بين الهدى والضلال.

وقلوبنا معرضة للضعف عن القيام بأعباء التكليف، وما نحن مطالبون به من الأعمال، والذي يجدد لنا فيها القوة، ويبعث فيها الهمة، هو القرآن العظيم.

فحاجتنا إلى تجديد تلاوته وتدبيره، أكيدة جداً لتقوية قلوبنا باليقين، وبالعلم، وبالهمة، والنشاط، للقيام بالعمل.

[شرح الحكمة الثانية]

من محاسن هذه الشريعة المطهرة، أنها نزلت بالتدريج المناسب.

وكما كان في تحريم الخمر.

وكما كان في العدد المفروض عليه الثبات للعدو في آيات الأنفال (٤).

وكما كان في مشروعية قيام الليل في آيات سورة المزمل (٥).


(١) هو عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله ضياء الدين أبو المعالي الجويني الشافعي الشهير بإمام الحرمين. ولد سنة ٤١٩ هـ؛ قدم بغداد ثم سافر وجاور في مكة والمدينة، ورجع إلى نيسابور يدرس العلم ويعظ إلى أن توفي بها سنة ٤٧٨ هـ. من تصانيفه: الإرشاد في علم الكلام، أساليب في الخلاف، البرهان في الأصول، البلغة، وغيرها كثير. انظر هدية العارفن (١/ ٦٢٦).
(٢) هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي التميمي البكري الطبرستاني الرازي فخر الدين المعروف بابن الخطيب الشافعي الفقيه. ولد بالري سنة ٥٤٣هـ وتوفي بهراة سنة ٦٠٦ هـ. من تصانيفه: مفاتيح الغيب في تفسير القرآن، الآيات البينات، إبطال القياس، إحكام الأحكام، الأربعين في أصول الدين، مصادرات إقليدس، المحصول في علم الأصول، وغيرها كثير. انظر هدية العارفين (١٠٧/ ٢، ١٠٨).
(٣) الرّان: الغطاء والحجاب الكثيف (المعجم الوسيط: [ص:٣٨٦]).
(٤) وهما الآيتان ٦٥ و٦٦ من سورة الأنفال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
(٥) وهو قوله تعالى في الآية ٢٠ من سورة المزمل: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ... }.

<<  <   >  >>