للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؛ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، ألا وشهادة الزور، وقول الزور. وكان متكئاً فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا- شفقة عليه- ليته سكت» (١).

فجلس لها، وبقي يكررها، لعظم شرها، وكبر مفسدتها، وعظم الإثم فيها على حسب ذلك منها.

أعاذنا الله والمسلمين منها ومن كل زور.

...

[الصفة العاشرة]

{وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا (٧٢)} [الفرقان: ٧٢].

نفى عنهم فيما تقدم حضور مشاهد الزور، وأخبر هنا أنهم لا يقفون عند اللغو عندما يمرون عليه، تَرَقيا في وصفهم بالبعد عن الباطل والإثم والعبث، ومجانبة أهله.

(اللغو) مصدر لغا يلغو أي قال باطلًا فهو القول الباطل، ومثله الفعل الباطل من كل ما لا فائدة فيه، ولا نتيجة له، مما شأنه أن يلغى ويطرح.

و (الكريم): الخالص العنصر فهو الزكي غير المتدنس، ومن مقتضى ذلك حسن أخلاقه، واستقامة أعماله، وسلامته من الرذائل.

(كرامًا) حال من فاعل {مروا} الثاني، ليبين وصفهم عند المرور.

[المعنى]

وإذا مروا في طريقهم بقول يقال، أو فعل يفعل مما لا فائدة فيه جاوزوه معرضين عنه، أزكياء غير متدنسين بشيء منه، ولا ملتفتين لأهله.

[موعظة]

في الإقبال على اللغو شغل للبال به، وتكدير للخاطر بظلمته، وتضييع للوقت فيه، ولكل كلمة تسمعها أو فعلة تشهدها أثر في حياتك وإن قل. وقد يعقبها ضدها فتزول بعدما شغلت وعطلت. وقد يردفها مثلها فتثبت وتنمو وتسوء عاقبتها ولو بعد حين.

وبقدر ما تلتفت إلى اللغو تلتفت عن كرمك، وبقدر ما يعلق بك منه ينقص من ذكائك.


(١) رواه البخاري في الشهادات باب ١٠، والأدب باب ٦، والاستئذان باب ٣٥. ومسلم في الإيمان حديث ١٤٣ و ١٤٤. والترمذي في الشهادات باب ٣، والبر باب ٤، وتفسير سورة ٤ باب ٥. وأحمد في المسند (٣/ ١٣١، ٥/ ٣٦، ٣٨).

<<  <   >  >>