للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنه ما يكشفه الله لعلماء الأكوان من أسرار الخلقة عندما يستعملون عقولهم ووسائلهم العلمية، فيأتون بما فيه نفع للعباد ورقي للعمران.

(ما يخفون) ما يكتمون في أنفسهم أو عن غيرهم. (ويعلنون) يظهرون للناس.

[المعنى]

زين لهم الشيطان من أعمالهم على الخصوص عدم سجودهم لله، الذي أقام عليهم الحجة، بما يخرجه لهم من الخيرات المختبئات في السموات والأرض: من أمطار السماء، ونبات الأرض، مما يدل على عظيم قدرته، ولطف علمه الذي أحاط بما ببواطن الأشياء وظواهرها، وبما تنطوي عليه السرائر، أو تواريه الستائر، وبما هو ظاهر للعموم.

[إستدلال وتوجيه]

السجود مظهر لغاية الذل والخضوع والانقياد والاستسلام، وتلك أصل العبادة. ولا يستحقها من العبد إلاّ من هو- حقيقة- المنعم الغني الكامل القوي، وما هو إلاّ خالقه؛ فاستدل على استحقاق الله السجود دون غيره، بما ذكر من إخراجه الخبء، ويشمل علمه لما خفي وما علن.

وذلك متضمن لكماله وإنعامه وشمول علمه وعموم سلطانه.

...

انبنى على أن السجود عبادة، ولا يستحقها إلاّ الخالق تحريم السجود للمخلوق، فلا يجوز أن يعظم به أحد أحداً، ولو لم يقصد به العبادة.

أما إذا قصد به العبادة فهو الكفر البواح.

[تحذير]

كثيراً ما رأينا في الرسوم التي تنشرها الصحف أناساً من المسلمين راكعين، أو مقاربين للسجود لذي سلطان.

فعلى المسلم أن يحذر من ذلك فلا يفعله، ولا ينحني لأحد من الخلق، وأن ينكره إذا رآه.

[تشويق القرآن إلى علوم الأكوان]

من أساليب الهداية القرآنية إلى العلوم الكونية، أن يعرض علينا القرآن صوراً من العالم العلوي والسفلي، في بيان بديع جذاب، يشوقنا إلى التأمل فيها، والعمق في أسرارها.

وهنا يذكر لنا ما خبأه في السموات والأرض لنشتاق إليه، وننبعث في البحث عنه، واستجلاء حقائقه، ومنافعه؛ بدافع غريزة حب الاستطلاع، ومعرفة المجهول.

وبمثل هذا انبعث أسلافنا في خدمة العلم، واستثمار ما في الكون، إلى أقصى ما استطاعوا، ومهدوا بذلك السبيل لمن جاء بعدهم.

<<  <   >  >>