للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالفقيه الذي يبين حكم الله وحكمته، دل إلى الله.

والطبيب المشرح الذي يبين دقائق العضو ومنفعته دل إلى الله.

ومثلهما كل مبين في كل علم وعمل.

٢ - ومن الدعوة إلى الله: بيان حجج الإسلام، ودفع الشبه عنه، ونشر محاسنه بين الأجانب عنه ليدخلوا فيه، وبين مزعزعي العقيدة من أبنائه ليثبتوا عليه.

٣ - ومن الدعوة إلى الله: مجالس الوعظ والتذكير، لتعريف المسلمين بدينهم، وتربيتهم في عقائدهم وأخلاقهم وأعمالهم على ما جاء به، وتحبيبهم فيه، ببيان ما فيه من خير وسعادة لهم.

وتحذيرهم مما أدخل من محدثات عليه هي سبب كل شقاوة وشر لحقهم.

وبيان أنه ما من سبب مما تسعد به البشرية أفرادها وأممها إلاّ بيّنه لهم ودعاهم إليه، وما من سبب مما تشقى به البشرية أفرادها وأممها إلاّ بيّنه لهم ونهاهم عنه.

وبيان أنه لولا عقيدته المتأصلة فيهم، وبقاياه الباقية لديهم، ومظاهره القائمة بهم، لما بقيت لهم- وهم المجردون من كل قوة- بقية، ولتلاشت أشلاؤهم- وهم الأموات- في الأمم الحية.

٤ - ومن الدعوة إلى الله: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة بدون استثناء، وإنما يتنوع الواجب بحسب رتبة الاستطاعة: فيجب باليد، فإن لم يستطع فباللسان، فإن لم يستطع فبالقلب، وهو أضعف الإيمان (١)، وأقل الأعمال في هذا المقام.

٥ - ومن الدعوة إلى الله: ظهور المسلمين- أفراداً وجماعات- بما في دينهم من عفة وفضيلة، وإحسان ورحمة وعلم وعمل وصدق وأمانة؛ فذلك أعظم مرغب للأجانب في الإسلام، كما كان ضده أعظم منفر لهم عنه، وما انتشر الإسلام أول أمره بين الأمم، إلاّ لأن الداعين إليه كانوا يدعون بالأعمال، كما يدعون بالقول، وما زالت الأعمال عياراً على الأقوال.

٦ - ومن الدعوة إلى الله: بعث البعثات إلى الأمم غير المسلمة، ونشر الكتب بألسنتها، وبعث المرشدين إلى عواصم الأمم المسلمة لهدايتهم وتفقيههم.

وكل هذا من الدعوة إلى الله ثابتة أصوله في سنة النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وسنة السلف الصالح من بعده.

فعلى كل مسلم أن يقوم بما استطاع منه في كل وجه من وجوهه، وليعلم أن الدعوة إلى الله على بصيرة هي سبيل نبيه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وسبيل إخوانه الأنبياء صلوات الله عليهم من قبله.


(١) وفيه الحديث عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه؛ وذلك أضعف الإيمان». رواه مسلم في الإيمان حديث ٧٨. وأبو داود في الصلاة باب ٢٤٢، والملاحم باب ١٧. والترمذي في الفتن باب ١١. وابن ماجة في الإقامة باب ١٥٥، والفتن باب ٢٠، والنسائي في الإيمان باب ١٧. وأحمد في المسند (٣/ ١٠، ٢٠، ٤٩، ٥٣، ٥٤، ٦٢).

<<  <   >  >>