للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الأحكام]

لما كان الاجتماع شرع للمصلحة، والذهاب بدون استئذان حرم للمفسدة؛ فالمشروعية والتحريم دائمان بدوام المصلحة والمفسدة.

فأحكام الآية مستمرة الأحكام عامة للمسلمين، في كل زمان وكل مكان، مع أئمتهم وقادتهم المقدمين منهم فيهم، في كل ما يعرض من اجتماع لصالح عام.

فمن أحكام الآية الكريمة:

١ - أن على أئمة المسلمين وذوي القيادة فيهم، إِذا نزل بهم أمر هام أن يجمعوا جماعة المسلمين الذين يرجى منهم الرأي والعمل فيما نزل، فلا يجوز لهم أن يهملوا أمرهم ولا أن يستبدوا عليهم.

٢ - وأن على المسلمين أن يجتمعوا إليهم ويكونوا معهم، يظاهرونهم ويؤيدونهم، وينصحون لهم، فلا يجوز لهم أن يتخلفوا عنهم، ولا أن يخذلوهم.

٣ - وأن على المجتمعين ألا يذهب واحد منهم إلاّ بإذن.

٤ - وألا يستأذن إلاّ لعذر ببعض الشأن.

٥ - وأن على الإمام أن ينظر في الإذن وعدمه، فيفعل ما هو أولى.

[بيان مراد ودفع اغترار واعتراض]

تجد في آيات القرآن العظيم أخباراً ووعوداً من الله- تعالى- للمؤمنين. ولربما حسب- من لا يعلم- أنها تشمل كل من كان على أصل الإيمان، من اعتقاده مع بعض أعماله، وإن فرط في كثير من أصول الأعمال.

فيبين الله تعالى في هذه الآية وأمثالها مراده بالمؤمنين عند إطلاق لفظ المؤمنين في تلك الأخبار والوعود، حتى لا يغتر المفرطون ولا يعترض الجاهلون.

[توجيه وإرشاد]

إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوة، وإنما تكون لهم قوة إذا كان لهم جماعة منظمة تفكر وتدبر وتتشاور وتتآزر وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة؛ ولهذا قرن الله في هذه الآية بين الإيمان بالله ورسوله، والحديث عن الجماعة وما يتعلق بالاجتماع، فيرشدنا هذا إلى خطر أمر الاجتماع ونظامه، ولزوم الحرص والمحافظة عليه، كأصل لازم للقيام بمقتضيات الإيمان وحفظ عمود الإسلام.

[موعظة]

ما أصيب المسلمون في أعظم ما أصيبوا به إلاّ بإهمالهم لأمر الاجتماع ونظامه: إما باستبداد أئمتهم وقادتهم، وإما بانتشار جماعتهم بضعف روح الدين فيهم، وجهلهم بما يفرضه عليهم، وما

<<  <   >  >>