للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خطبة افتتاح لدروس التفسير]

الحمد لله الذي جمل الإنسان بالبيان، وجمل البيان بالقرآن، فالإنسان دون بيان حيوان أبكم، والبيانُ دون قرآن كلام أجذم. وذو البيان والقرآن هو الأكمل الأعظم قدراً وتقديرا، والأحسن الأقوم عملاً وتفكيراً، والأسعد الأكرم حالاً مصيراً.

أحمده، أرسل محمداً- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.

وأنزل عليه القرآن تبصرة وذكرى، ومعجزة كبرى، حجة وتذكيراً.

وشرع لنا من دينه الحنيف مناهل العز والسعادة، ومهد لنا من شرعه الشريف سبل الحسنى والزيادة، رحمة منه تعالى وفضلاً كبيراً.

وأشكره، هدانا واجتبانا، فرضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، وبالقرآن إماماً، وحبب إلينا ديننا، فوالله لو بذلت لنا الدنيا بحذافيرها في تركه ما ساوت عندنا حبة رغام (١)، توفيقاً منه تعالى ويقيناً صادقاً منا وبصراً بصيراً.

وأستغفره لما كان منا من نقص وتقصير في الوفاء بوعده الحق، وشكر فضله الكبير، إنه كان عفواً غفاراً شكوراً.

وأصلي وأسلم على سيدنا محمد أشرف خلقه وأكرم رسله، فرق بالقرآن بين الحق والباطل، وهدى به الضال وعلم به الجاهل، وجاهد به- في الله- جهاداً كبيراً.

وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، اقتفوا طريقته، وأحيوا سنته، فوقاهم الله شر ذلك اليوم، ولقاهم نضرة وسروراً، وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً.

وعلى بقية أمته، وأهل ملته، لبوا دعوته، وأمّوا غايته، ناشطاً وحصيراً (٢).

صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم نلقى محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ونسعد بلقائه، ونحشر بين الأمم تحت لوائه، ونجزى بمحبته- إن شاء الله تعالى- جزاء موفوراً.


(١) الرغام (بفتح الراء): التراب. ويقال: ألقاه في الرغام: أذله وأهانه. انظر (المعجم الوسيط: [ص:٣٥٨]).
(٢) الحصير: الضيق الصدر. (المعجم الوسيط: [ص:١٧٨]).

<<  <   >  >>