للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلغ منزلة رفيعة، له بصر بالأدب وباع في اللغة وفقهها، محب للأدب القديم والحديث، يرتجل الشعر على البديهة ولكن شعره أقل جودة بكثير من نثره.

وصفه شاعر الجزائر المجيد الشيخ محمد العيد بقوله:

يراعك في التحرير أمضى من الظبا ... وأقضى من الأحكام أيان يشهر

قبست من القرآن مشعل حكمة ... ينار به السر اللطيف ويبصر

ولا يتكلم ولا يدرس إلاّ بالعربية الفصحى، غير متكلف فيها، ولا متقعر.

٤ - وهو فقيه من الطراز الأول، خبير بمذهب مالك، متفقه على غيره من المذاهب ويمقت التعصب لمذهب معين، وله فتاوى عظيمة، تحس منها أنه إهاب مليء علما منظما.

٥ - وهو مفسر ممتاز، له استقلاليته في الفهم والرأي، يقرأ التفاسير، ثم يجعل من عقله مصفاة لها، فلا يخرج منها إلاّ ما صح ونفع، ولاءم العصر، وصدق الخبر، مع حسن عرض، واستنباط واع، واستنتاج للعبرة، وحث على سنة، وإخماد لبدعة، في أسلوب عصري، وتطويل غير ممل، وإيجاز غير مخل.

فسر القرآن الكريم كله في خمس وعشرين سنة، أي ما يوازي مدة نزوله، واشتغل بتأليف الرجال عن تأليف الكتب، فلم يبق من تفسيره سوى هذا القدر الباقي في مجالس التذكير، مما كان ينشر في مجلة الشهاب، وهناك فرق كبير بين التفسير الخاص لطلابه، والعام في الوعظ والإرشاد، وما كان يكتب في مجالس التذكير ليقرأه العام والخاص. وهكذا اجتمعت عنده عدة الجهاد والاجتهاد، وأنار الله بصيرته، فأحيا شريعة، وأقام مجتمعا، وأنقذ شرفا وأمة ولغة.

٦ - وهو محدث بصير، شرح موطأ مالك رضي الله عنه كله، ولم يبق من هذا الشرح أيضا إلاّ ما جمعناه في كتاب بعنوان: "من هدي النبوة" وهذا يشهد له بطول الباع، والفهم التام لسنة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

٧ - وهو أديب ذواقة، يعشق الأدب القديم والحديث، وينقده، ويعطي لطلابه وزائريه زبدة ما قرأ، ويوازن بين شعر وشعر، وينشر الملح والطرائف وله باب في الشهاب بعنوان "من أحسن القصص والأدب" جمع فيه بين كل طريف وظريف.

٨ - وهو صحفي وقور، هادئ رزين، يختار الموضوع، ويحدد المشكلة ويصف الدواء ويهتم بمصالح المسلمين في جميع أنحاء الدنيا، ومشاكل بلاده في المقام الأول، ويقرأ الصحافة المحلية والأجنبية ويشيد بالصحافة الإسلامية، ويحمل على الباطل في غير هوادة، وينتصف للحق أينما كان.

وأصدر المجلات الآتية: "المنتقد"، و"السنة"، و"الصراط"، و"الشريعة"، و"البصائر"، وأنشأ "الشهاب". وكان قوياً في الحق، ولم يطق الاستعمار ذلك، فعطل كل صحفه، وبقيت الشهاب طويلاً حتى جاءت الحرب العالمية الثانية.

<<  <   >  >>