للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الولاية والاستقلال]

الولاية على اليتيم واستقلاله حالتان كلتاهما حق وخير إذا كانت كل واحدة منهما فى وقتها المناسب لها، وكل واحدة منهما تكون ظلماً وشراً إذا كانت في غير وقتها المناسب لها. فلذا بين تعالى الحالتين ووقتهما بما قبل (حتى) وما بعدها: فوقت عدم بلوغ الأشد هو وقت الولاية.

فمن الفروض الكفائية على الأمة أن يكون أيتامها مكفولين غير مهملين. ووقت بلوغ الأشد- ببلوغ الحلم والرشد- هو وقت استقلال من كان يتيما ووقت دفع ماله إليه، فلا يجوز حينئذ الاستيلاء على ماله والسيطرة عليه.

...

[الوفاء بالعهد]

{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}.

أوفى بعهده إذا أتى بما التزم تاماً وافياً. والعهد من عهد إليه بالشيء إذا أعلمه به. قال تعالى: {وعهدنا إلى آدم من قبل فنسي} (١) أي أعلمناه.

فالعهد هو الإعلام بالالتزام، أو الإعلام بما يلتزم.

فمن الأول: عاهدت زيداً على كذا، أي أعلمته بالتزامي له، وتعاهد القوم على الموت أي أعلم بعضهم بعضاً بالتزامه.

ومن الثاني: عهد الله إلى العباد أي إعلامهم بما عليهم أن يلزموه.

وقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليكم» (٢). أي إعلامه لنا وإعلامنا لكم بما يلتزم.

(والمسؤول) من سأل، وسأل بمعنى طلب: إما طلب علماً، وإما طلب شيئاً، فإن كانت الأولى تعدى الفعل إلى المفعول الثاني بعن، تقول: سألته عن كذا فأجابني، وإن كانت الثانية تعدى الفعل إليه بنفسه تقول سألته ثوبا فأعطانيه.

فقوله تعالى: {إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}.


(١) الآية ١١٥ من سورة طه. وقد وردت هكذا في الأصل: "وعهدنا". وصوابها: "ولقد عهدنا".
(٢) رواه الإمام مالك في الموطأ (كتاب البيوع، باب١٦، حديث٣١) وتمامه: عن مجاهد أنه قال: «كنت مع عبد الله بن عمر، فجاءه صائغ فقال له: يا أبا عبد الرحمن إني أصوغ الذهب ثم أبغ الشيء من ذلك بأكثر من وزنه فأستفضل من ذلك قدر عمل يدي؟ فنهاه عبد الله عن ذلك، فجعل الصائغ يردد عليه المسألة وعبد الله ينهاه، حتى انتهى إلى باب المسجد أو إلى دابة يريد أن يركبها. ثم قال عبد الله بن عمر: الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليهم». ورواه أيضا الشافعي في الرسالة (فقرة٧٦٠)

<<  <   >  >>