للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا معنى الوجوب والذي قدمناه وسمعته من شيخ الإسلام ابن تيمية: أليقُ بالسياق وأجل المعنيين وأكبرهما.

وإذا صرفت بصرك عما قيل في إنابة الحروف أو تعاورها لفقدان الشاهد والمثل، وعدم إقامة البرهان وسوْق الدليل، مع ضعف الحجة وقصر النظر، فاستنجدْ بفهمك على استنباط لطائف المعاني من وراء التضمين، ترق حواشيها وتدق إلا على أهل البصائر.

ولو تعسف متعسف وقال: إن (إلى) بمعنى (مع) في قوله سبحانه: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) نقول له: إن اليد تشمل من رؤوس الأصابع إلى الكتف وعلى هذا يكون حرف (إلى) والذي بمعنى (مع) من فضول الكلام لأن المرفق داخل في لفظ اليد مشمول معها، وبهذا التوجيه يفسد المعنى.

ثم هل يُؤدي الحرف البديل في السياق اللغوي مُؤدى الأصلي بعد غيابه؟ إن القول بتناوب الحروف أمر هين لأنه يُزيل العقبات كما يزيل المخدر الأوجاع، ولكن المشكلة تبقى دون حل. فمن سلك مسلك هؤلاء وأخذ برأيهم فقد أبعد. بل عليه ألا يعطي يده في هذه المسألة وأن يَكِيس عند

الإجابة عنها. ففعل (صبر) مثلا يتعدى باللام والباء و (على)، (وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ) (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ). فهل تنوب هذه الحروف بعضها عن بعض؟.

أقول: حين تعدى الفعل بـ (على) كان معناه الثبات والإصرار، وحين تعدى

<<  <  ج: ص:  >  >>