للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ما أسقطناه عنه. وقول الزمخشري: تضمَّن معنى (يصدون) وهم " المنافقون " فالسياق يدل على توجيه الخطاب لكل من كان حول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الخندق من منافقين ومرجفين ومثبطين ومؤمنين فتخصيص العموم غير وارد.

وما ذهب إليه ابن الحاجب في تضمينه معنى (حاد) فقد كان في منتهى الفقاهة في تصوير الحالة النفسية للنماذج البشرية حول رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، والتحذير الرهيب من اللَّه أن تصيبهم فتنة في الدين أو الدنيا أو عذاب أليم في الآخرة، التحذير لا لمن خَالف الأوامر، أو صد، وإلا لقال: يخالفون أمره.

وإنما لمن حاد عنها، والحيدان أدنى درجات المخالفة عن المنهج الرباني والسنة المطهرة.

وبهذه الآية احتج الفقهاء على أن الأمر على الوجوب، لأن اللَّه حذر من مخالفة أوامره ونواهيه في الحدود والآداب والأخلاق في سورة النور هذه وتوعد بالعقاب عليها بفتنة تختل فيها الموازين ويختلط الحق بالباطل ويشقى بنارها الجميع فإن كان التحذير هو من الحيدان فلم جاء التعبير بالمخالفة؟

أجيب: الحيدان قد يكون عن سهْوِ وغفلة، وهذا يرده إلى الصواب التنبيه. أما المخالفة فإنها تصدر عن تصميم وقصد وعدم مبالاة بالأوامر شأن المنافقين الذين يتسللون ويذهبون بغير إذن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -. وفي ذلك يكمن الخطر.

تلك الآداب التي تنتظم بين أفراد الجماعة يستقيم أمرها بوقار قائدها وهيبته.

وباستقرار هذه المشاعر في أعماق ضميرها تصبح قانونا نافذا في حياتها، وإلا

<<  <  ج: ص:  >  >>