للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ) (١).

حكى العز: أي فلما تركوا ما أمروا به ... التجوّز بالتذكير عن الأمر.

وقال الزمخشري: نسوا ما ذكروا به: تركوا الاتعاظ به ولم ينفع فيهم ولم يزجرْهم. أي تضمن التذكير معنى الوعظ والنسيان معنى الترك. وأورد أبو حيان: (نسوا) تركوا الاتعاظ والازدجار بما ذكروا به من البأس، استدرجناهم بتيسير طلباتهم الدنيوية. قال القرطبي: (نسوا) تركوا ما ذكروا به، وذلك لأن التارك للشيء إعراضا عنه قد صيَّره بمنزلة ما قد نسي.

أقول: سياق الآيات من إصرارهم على ترك التضرع عند نزول العذاب ومن قسوة قلوبهم، ومن تزيين الشيطان لهم وحملهم على المعاصي، كل ذلك لَيدل على أنهم تركوا ماجاءهم من مواعظ وأوامر وراء ظهورهم عن إصرار وعمد لا عن نسيان وسهو وغفلة ومن أجل ذلك فتح اللَّه عليهم فتنة السراء وآتاهم من كل ما سألوه ثم أخذهم بعذابه فإذا هم مبلسون، فالتضمين جرى في التجوز بالنسيان عن الترك والإعراض، وبالتذكير عن الأمر لتنبيه قلوب المؤمنين من خطر ذلك المسلك، تعطلت أجهزة الاستقبال الفطرية، فما عاد يستشعر وخزة من ضمير تفتح مغاليق قلبه وترد إليه وعيه.

بقي سؤال: إذا كان نسيان ما ذكروا به مضمناً معنى تركهم عن عمد

<<  <  ج: ص:  >  >>