للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (١).

ذكر أبو حيان: عُدي الرفث بـ (إلى) وإن كان أصله الباء لتضمنه معنى (الإفضاء). وقد ذهب ابن جني وغيره كابن الشجري والزركشي إلى أنها في معنى الإفضاء.

وأنت لا تقول رفثت إلى المرأة وإنما تقول: رفثت بها أو معها، ولكنه لما كان الرفث هنا بمعنى الإفضاء، وكنت تُعدي أفضيت بـ إلى، جئت بـ (إلى) مع الرفث إيذانا بأنه في معناه.

أقول: الرفث: الإفحاش. وهو بالفرج: الجماع وباللسان: المواعدة للجماع، فتضمين الرفث وهو مقدمات المباشرة أو المباشرة ذاتها معنى الإفضاء والمتعدي بـ (إلى) يمنح العلاقة بين الزوجين لمسة إنسانية تترفع بها عن عالم الحيوان، لمسة حانية فيها من الرفق والنداوة والشفافية مثلما ما فيها من سمّو المشاعر.

أما ما ذهب إليه ابن الجوزي: أن إلى بمعنى الباء فنُبُو عن فقاهة النظم وغضٌّ من نفاسته.

وتحسُرُ (إلى) هذه عن مَسافر وجهها الجميل لتحكي ما اشتملت عليه المشاعر حين جمعت الرفث إلى الإفضاء فيما أحلّ اللَّه للزوجين في شهر الصيام، لتَنْأى بهما عن عُرام الجسد والحبيس في الرغبات المكبوتة في

<<  <  ج: ص:  >  >>