للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد استبقوا موعده وميقاته واستعجلوا قضاءه وعقابه، وما حذف الحرف (عن) إلا لغرض مخصوص فإذا بدهك في هذه اللغة موضع منه ليس في سليقته ونجره فتنبه عليه، وتأت له، ولاطفْه بالصنعة والتأمل فإن ذلك يُمكنك منه.

* * *

قَال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) (١).

عدا: فعل متعدٍ يقال: عداه إذا جاوزه ومنه قولهم: عدا طوره. وتعدّى بـ عن لتضمنه معنى نبا وعلا. قال الزمخشري: نبتْ عنه عينه وعلَتْ عنه: إذا اقتحمته ولم تعلق به. فإن قلت: فأي غرض في هذا التضمين وهلا قيل: ولا تعدهم عيناك؟ قل: الغرض فيه إعطاء مجموع المعنيين وذلك أقوى من إعطاء معنى فذّ.

وقال أبو حيان والزركشي: ألا ترى كيف رجع المعنى إلى قولك: ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم ونحوه قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ). أي لا تضموها إليها آكلين.

وقال ابن كثير: قال ابن عباس: ولا تجاوزهم إلى غيرهم يعني تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة.

وقال الآلوسي: قيل: إن (عدا) حقيقة معناه (تجاوز) كما صرح

<<  <  ج: ص:  >  >>