للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للإسلام والإنسانية جميعا. إنه انحراف الفطرة لأن النفوس السليمة لا تملك إلا الإيمان مع وجود الحجة والبرهان. ومع كراهيتهم لسواهم لا يحفظ بعضهم عن بعض. فما أبرموا عهدا إلا نقضه فريق منهم.

القرآن يكشف هذه السمة الوخيمة فيهم مع أنبيائهم ومع نبينا صلوات اللَّه عليهم أجمعين.

فتضمين (عاهد) معنى (أبرم) أعون على ظهور مزية الصنعة البيانية في قراءة ابن عباس لما بين النقض والإبرام من المقابلة. وتضمين (عاهد) معنى أعطى (أكشف) عن المعنى الوظيفي، ويألفه السياق ويرتاح لاستعماله فهم لا يَثْبتون على عهد ولا يستمسكون بعُروة، بل لا يحفظ بعضهم عن بعض. بئس خَلة في يهود ما يقطعون على أنفسهم عهدا إلا نقضته فئة منهم، صورة قميئة صورة النبذ تشخص النزوة والهوى، وتحمل الحقد الدفين على الإنسانية، لا تثبت على عهد، ولا تجتمع على رأي، سمة النبذ ذات إشعاع، تكشف عن وضع نفسي منحط، فيه مراوغة والتواء، مثلما فيه خداع ونفاق. تعيش يهود في ظله الآثم، وتتنفس في جوِّه الحبيس على مر العصور، شهده السلف، ونشهده اليوم في عالمنا الإسلامي والغرب النصراني على سواء. وسيشهده الخلف إلى قيام الساعة. ولكن أين مَن يتعظ؟!

ويبقى للسياق دوره في تلوّحُ المعنى واستشرافه، لتحديد مدلوله في الموضع الذي بات عليه، ودون قطع اليقين فيه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>