للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بـ على يتوافر مذاق الفتنة أكثر مما يتوافر في العرض كما قال الرازي. والسياق يعين على تصوير الموقف العصيب (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) وهذا العنف في المشهد يليق بالسهوة التي يعيش في غمرتها الخراصون، والذين يسألون أيان يوم الدين لا طلبا لمعرفته ولكن تكذيبا واستبعاداً لمجيئه.

ويبقى التضمين غوراً بطينا في العربية، وفي حمل اللفظ على نسيبه ولازم معناه، لشرح أحواله المحيطة به، والكشف عن غموض ما خفي من صفحته يترجم عنه مذاقات الألم وطعومه حين يُكب على النار ليذوق مسَّ سقر.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (١)

روى الطبري: قال البعض بأيكم المجنون كأنه وجه معنى (الباء) في قوله بأيكم إلى معنى (في) والتأويل في أي الفريقين المجنون، وقال آخرون: بأيكم المفتون، وكأن الذين قالوا هذا القول وجهوا المفتون إلى معنى الفتنة أو الفتون. وقال آخرون: معناه أيكم أوْلى بالشيطان فالباء على قول هؤلاء زيادة.

وقال الزمخشري: فتن أي: محن بالجنون، ولأن العرب يزعمون أنه من تخييل الجن، والباء مزيدة أو المفتون مصدر كالمعقول والمجلود أي بأيكم الجنون كقوله تعالى: (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ).

وذكر أبو حيان وتبعه الجمل: حصل الفتون واستقر وثبت بأيكم؟.

وفي السمين ذكر أربعة أوجه:

<<  <  ج: ص:  >  >>