للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه بعض التنازلات ليتم بينهم وبينه لقاء. فتضمين (يفتنوك) معنى (يحرفوك أو يزحزحوك) وكلاهما متعدٍ بـ (عَنْ) أدنى للسياق وأنأى عن اللبس في تضمين يصرفونك ويزيلونك ويخدعونك، والانحراف وهو من صور الفتنة - في جزء يسير ينتهي إلى انحراف كبير، ولذلك جاء التحذير الرهيب من هذه الجزئية أو البعضية (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا) والتسليم أو التنازل من الداعية في جانب ولو ضئيل لأصحاب السلطة هزيمة روحية لا تغتفر. فترفق في اختيار ما طابق من اللفظ معناه وشهد لصحته مساقة واسْتتَبّ على مَنْهجه وأمِّه، ثم ما خفي عنك منه فلا تخِفَّ إلى نقْضِه، وإلا أوعرتْ بك سبُله وأشكل عليك تحرير القول فيه.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) (٢).

قال الزمخشري: فروا من معصيته وعقابه إلى طاعته وثوابه. وقال أبو حيان: جمعت لفظة (ففروا) بين التحذير والاستدعاء ويُنظر إلى هذا المعنى قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك "، قال ابن عطية: وهو تفسير حسن. وقال أبو السعود: اهربوا إلى الله. وقال الجمل: اذهبوا.

ومعنى الفرار إلى اللَّه هو التخلص من الأوهاق والأثقال لأداء الوظيفة التي خلق العباد لها ومنحهم وجودهم لتأديتها، فحقيقة العبادة إذن تتمثل في أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>