للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا) (١).

السماء على عظمتها تنفطر فيه فما ظنك بغيرها من الخلائق.

ذكر الزمخشري: الباء في (به) مثلها في قولك: فطرت العود بالقدوم فانفطر به. يعني تنفطر بشدة ذلك اليوم. ويجوز أن يراد: السماء مثقلة به إثقالا يؤدي إلى انفطارها لعِظَمِهِ عليها وخشيتها من وقوعه. كقوله: (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) وقال البروسوي: فالباء للسببية وهو الظاهر ويجوز

أن تكون بمعنى (في) وإليه ذهب المكي في قوت القلوب حيث قال: حروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض. وقيل: الباء للآلة والاستعانة، قال بعضهم: وهذا لا يليق بجناب اللَّه تعالى. وذكر الجمل: متشققة بسبب هوله والباء في (به) سببية وجوز الزمخشري أن تكون للاستعانة.

وفي القرطبي: أنها بمعنى (في). وحكى الهروي وأبو حيان: الباء بمعنى (في). وذكر الموزعي: أنها بمعنى (فيه) واستشهد بقول الأعشى.

أقول: صورة الهول الأكبر تنشعب به السماء، ومن قبل وجفت له الأرض والجبال، كما شابت له الولدان، فالباء رسمت صورة الانشقاق كالفتيا التي تشعبت بالناس فجعلتهم شعبا، وكالهموم التي تشعبت بصاحبها فمزقته مزقا.

منفطر إذاً تضمن معنى منشعب مشهد شاخص وصورة من الطبيعة

<<  <  ج: ص:  >  >>