للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن وراء اللطيف الودود يأتي التدبير والتقدير والحكمة (إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) فيشمله بحكمته وتدبيره ويرعاه في كل مراحل حياته. وهكذا يغيب عنه في فرحة اللقاء بأهله الملك والسلطان والأهل والإخوان ليبقى قلبه وقد مسه اللطف موصولا بخالق الأكوان.

ويذكر النعم على إخوته (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ) فينطلق لسانه - بما يحس به قلبه من لطف اللَّه الخفي له ولأهله - في تسبيح مولاه فيلهج بالدعاء أن يحفظ له دينه حتى يتوفاه، وأن يلحقه بالصالحين من عباده.

ثم إن العلاقة بين اللطيف والودود - المضمّن والمضمّن فيه - ذَوْب روحٍ يتندَّى من الرفيق الأعلى، ومن دونهما وشائج الإيناس، وحبال المودة والرحمة تبسط له ما شاء وما يشاء.

* * *

قَالَ تَعَالَى: (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ).

قال الزمخشري: الباء بالمودة إما زائدة مؤكدة للتعدي، مثلها (وَلَا

تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) وإما ثابتة على أن مفعول تلقون محذوف معناه تلقون إليهم أخبار رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بسبب المودة.

وقال الجمل: الباء في المودة سببية، وقيل: زائدة في المفعول، وقيل: تلقون مفعوله محذوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>