للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا).

ذكر أبو حيان: قال ابن عطية: الضمير يعود على الوقت والباء بمعنى في. وكذلك أبو السعود: ونافلة يجوز أن ينتصب بـ تهجد إذا تضمن معنى صل نافلة لك. قاله الحوفي.

وقال الآلوسي: الضمير (به) يعود على القرآن والباء للظرفية أي فيه.

أقول: (تهجد) تضمَّن معنى (تزود) وهذا يتعدى بالباء. والتنفل تطوع يتزود به المتنفل، ولا غنى للدعاة عن هذا الزاد إذا أرادوا النجاح لدعوتهم.

هذا هو الزاد لهذا الطريق: التهجد للتزود بالقرآن، بالتقوى.

القرآن روح الصلاة وقوامها ... فيه شفاء ... فيه رحمة ... فيه طمأنينة ... به الزاد كله.

شفاء من آفات القلب، ونزغات الشيطان، وعصمة من الشطط والزلل، ونور يضيء الطريق للسالكين، وفيه علم الأولين والآخرين.

اللَّه يوجه رسوله للاتصال به واستمداد العَون منه في أشرف الأوقات، في هدأة الليل، يكون لترتيل كلام اللَّه إيقاعُه في القلب وأثره في الحس، وعندها يتحرر القلب المتصل باللَّه من كل سلطان عداه، والمستمد منه ينقطع عن كل مددٍ سواه تلك هي أسرار الحروف لا يتلوح معناها إلا من خلال أسيقتها، فقد صرفت هذه الباءُ التهجدَ - وهو ترك الهجود - إلى معنى التزود - وهو طلب

<<  <  ج: ص:  >  >>