للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ تَعَالَى: (هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) (١).

قال العز والزركشي: ضمن (هلك) معنى (زال وذهب) لتفيد المعنيين.

وذكر الملياني: هلك: ضل أي ضلت عني حجتي.

وأورد الزمخشري: قال ابن عباس: ضلت عني حجتي ومعناه بطلت حجتي التي كنت أحتج بها في الدنيا. والسلطان: الملك والتسلط على الناس.

وروى الطبري: ذهبت عني حجتي وضلت. وعن ابن عباس: ضلت عن كل بينة فلم تغن عني شيئا. سمعت الضحاك: بينتي ضلت عني. أ. هـ.

أقول: سيدلي يوم القيامة ببينته عند السؤال ويدافع عن نفسه بحجته وقد أعدها ونمقها، ولكنه في الموقف العصيب تموت الحجج وتفنى البينات. وإذا بصفحة ذهنه ممسوحة مما كتب فيها ... لم زالت وما الذي جعلها تشرد عنه؟ إنه الموقف عند مليك مقتدر. وإذا فسرنا السلطان بالملك والتسلط والجاه فقد ضل عنه وشرد في ذلك اليوم الرعيب وبقي فريدا ذليلا شريدا مخذولا.

فتضمين (هلك) معنى (ضل وزال وشرد وولى وأدبر وأعرض ونأى) تخصيص للعموم وتقييد للمطلق والمعنيان: الهلاك والزوال مقصودان في سياق الآية فالزوال لاحق بالهلاك وقال له، ولم يسغ العدول عنه لدنوه من معناه وتعديته بـ (عَنْ)، ولولا دخول هذا الحرف على فعل لا يتعدى به لخفيت عنا هذه اللمحة؛ وأشرف الألفاظ ما تعددت وجوه معانيه. وفي لفظ الهلاك ما

<<  <  ج: ص:  >  >>