للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخليفة العباسي المسترشد بالله يحارب دبيس بن صدقة.]

العام الهجري:٥١٧

العام الميلادي:١١٢٣

تفاصيل الحدث:

كان دبيس قد أطلق عفيفاً خادم الخليفة، وكان مأسوراً عنده، وحمله رسالة فيها تهديد للخليفة بإرسال البرسقي إلى قتاله، وتقويته بالمال، وأن السلطان كحل أخاه، وبالغ في الوعيد، ولبس السواد، وجز شعره، وحلف لينهبن بغداد، ويخربها، فاغتاظ الخليفة لهذه الرسالة، وغضب، وتقدم إلى البرسقي بالتبريز إلى حرب دبيس، فبرز في رمضان سنة ست عشرة وخمسمائة، وتجهز الخليفة، وبرز من بغداد، واستدعى العساكر، وأرسل دبيس إلى نهر ملك فنهب، وعمل أصحابه كل عظيم من الفساد، فوصل أهله إلى بغداد، فأمر الخليفة فنودي ببغداد لا يتخلف من الأجناد أحد، ومن أحب الجندية من العامة فليحضر، فجاء خلق كثير، ففرق فيهم الأموال والسلاح. فلما علم دبيس الحال كتب إلى الخليفة يستعطفه ويسأله الرضا عنه، فلم يجب إلى ذلك، وأخرجت خيام الخليفة في العشرين من ذي الحجة من سنة ست عشرة وخمسمائة، ودخلت هذه السنة، فنزل الخليفة، مستهل المحرم، بالحديثة، وجعل دبيس أصحابه صفاً واحداً، ميمنة، وميسرة، وقلباً، وجعل الرجالة بين أيدي الخيالة بالسلاح، وكان قد وعد أصحابه بنهب بغداد، وسبي النساء، فلما تراءت الفئتان بادر أصحاب دبيس، وبين أيديهم الإماء يضربن بالدفوف، والمخانيث بالملاهي، ولم ير في عسكر الخليفة غير قارئ، ومسبح، وداع، فقامت الحرب على ساق، فلما اختلط الناس خرج الكمين على عسكر دبيس، فانهزموا جميعهم وألقوا أنفسهم في الماء، فغرق كثير منهم، وقتل كثير، ولما رأى الخليفة اشتداد الحرب جرد سيفه وكبر وتقدم إلى الحرب، فلما انهزم عسكر دبيس وحملت الأسرى إلى بين يديه أمر الخليفة أن تضرب أعناقهم صبراً، وعاد الخليفة إلى بغداد، فدخلها يوم عاشوراء من هذه السنة. وأما دبيس بن صدقة فإنه لما انهزم نجا بفرسه وسلاحه، وأدركته الخيل، ففاتها وعبر الفرات، واختفى خبره بعد ذلك، وأرجف عليه بالقتل، ثم ظهر أمره أنه قصد غزية من عرب نجد، فطلب منهم أن يحالفوه، فامتنعوا عليه فرحل إلى المنتفق، واتفق معهم على قصد البصرة وأخذها، فساروا إليها ودخلوها، ونهبوا أهلها، وقتل الأمير سخت كمان مقدم عسكرها، وأجلي أهلها، فأرسل الخليفة إلى البرسقي يعاتبه على إهماله أمر دبيس، حتى تم له من أمر البصرة ما أخربها، فتجهز البرسقي للانحدار إليه، فسمع دبيس ذلك، ففارق البصرة، وسار على البر إلى قلعة جعبر، والتحق بالفرنج، وحضر معهم حصار حلب، وأطمعهم في أخذها، فلم يظفروا بها، فعادوا عنها، ثم فارقهم والتحق بالملك طغرل ابن السلطان محمد، وأقام معه، وحسن له قصد العراق.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>