للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استيلاء المغول على بلاد الجزيرة وحلب وغيرها.]

العام الهجري:٦٥٧

الشهر القمري:جمادى الأولى

العام الميلادي:١٢٥٩

تفاصيل الحدث:

نزل هولاكو المغول حران واستولى عليها وملك بلاد الجزيرة، ثم سير ولده أشموط بن هولاكو إلى الشام وأمره بقطع الفرات وأخذ البلاد الشامية، وسيره في جمع كثيف من التتار فوصل أشموط إلى نهر الجوز وتل باشر، ووصل الخبر إلى حلب من البيرة بذلك، وكان نائب السلطان صلاح الدين يوسف بحلب ابنه الملك المعظم توران شاه، فجفل الناس بين يدي التتار إلى جهة دمشق وعظم الخطب، واجتمع الناس من كل فج عند الملك الناصر بدمشق، واحترز الملك المعظم توران شاه ابن الملك الناصر بحلب غاية الاحتراز، وكذلك جميع نواب البلاد الحلبية، وصارت حلب في غاية الحصانة بأسوارها المحكمة البناء وكثرة الآلات، فلما كان العشر الأخير من ذي الحجة قصد التتار حلب ونزلوا على قرية يقال لها سلمية وامتدوا إلى حيلان والحادي، وسيروا جماعة من عسكرهم أشرفوا على المدينة، فخرج عسكر حلب ومعهم خلق عظيم من العوام والسوقة، وأشرفوا على التتار وهم نازلون على هذه الأماكن، وقد ركبوا جميعهم لانتظار المسلمين، فلما تحقق المسلمون كثرتهم كروا راجعين إلى المدينة، فرسم الملك المعظم بعد ذلك ألا يخرج أحد من المدينة، ولما كان غد هذا اليوم رحلت التتار من منازلهم طالبين مدينة حلب، واجتمع عسكر المسلمين بالنواشير وميدان الحصا وأخذوا في المشورة فيما يعتمدونه، فأشار عليهم الملك المعظم أنهم لا يخرجون أصلا لكثرة التتار ولقوتهم وضعف المسلمين على لقائهم، فلم يوافقه جماعة من العسكر وأبوا إلا الخروج إلى ظاهر البلد لئلا يطمع العدو فيهم، فخرج العسكر إلى ظاهر حلب وخرج معهم العوام والسوقة واجتمعوا الجميع بجبل بانقوسا، ووصل جمع التتار إلى أسفل الجبل فنزل إليهم جماعة من العسكر ليقاتلوهم، فلما رآهم التتار اندفعوا بين أيديهم مكرا منهم وخديعة، فتبعهم عسكر حلب ساعة من النهار، ثم كر التتار عليهم فولوا منهزمين إلى جهة البلد والتتار في أثرهم، فلما حاذوا جبل بانقوسا وعليه بقية عسكر المسلمين والعوام اندفعوا كلهم نحو البلد والتتار في أعقابهم، فقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً من الجند والعوام، ونازل التتار المدينة في ذلك اليوم إلى آخره، ثم رحلوا طالبين أعزاز فتسلموها بالأمان، ثم عادوا إلى حلب في ثاني صفر من سنة ثمان وخمسين وستمائة وحاصروها حتى استولوا عليها في تاسع صفر بالأمان، فلما ملكوها غدروا بأهل حلب وقتلوا ونهبوا وسبوا وفعلوا تلك الأفعال القبيحة على عادة فعلهم.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>