للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بناء بغداد واتخاذها عاصمة للدولة العباسية.]

العام الهجري:١٤٦

الشهر القمري:ربيع الأول

العام الميلادي:٧٦٣

تفاصيل الحدث:

في هذا العام تكامل بناء بغداد وكان السبب الباعث للمنصور على بنائها أن الراوندية لما وثبوا عليه بالكوفة ووقاه الله شرهم، بقيت منهم بقية فخشي على جنده منهم، فخرج من الكوفة يرتاد لهم. موضعا لبناء مدينة، فسار في الأرض حتى بلغ الجزيرة فلم ير موضعا أحسن لوضع المدينة من موضع بغداد الذي هي فيه الآن، وذلك بأنه موضع يغدا إليه ويراح بخيرات ما حوله في البر والبحر، وهو محصن بدجلة والفرات من ههنا وههنا، لا يقدر أحد أن يتوصل إلى موضع الخليفة إلا على جسر، وقد بات به المنصور قبل بنائه ليالي فرأى الرياح تهب به ليلا ونهارا من غير انجعار ولا غبار، ورأى طيب تلك البقعة وطيب هوائها، وقد كان في موضعها قرى وديور لعباد النصارى وغيرهم فحينئذ أمر المنصور باختطاطها فرسموها له بالرماد فمشى في طرقها ومسالكها فأعجبه ذلك، ثم سلم كل ربع منها لأمير يقوم على بنائه، وأحضر من كل البلاد فعالا وصناعا ومهندسين، فاجتمع عنده ألوف منهم، ثم كان هو أول من وضع لبنة فيها بيده وقال: بسم الله والحمد لله، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. ثم قال: ابنوا على بركة الله. وأمر ببنائها مدورة سمك سورها من أسفله خمسون ذراعا، ومن أعلاه عشرون ذراعا، وجعل لها ثمانية أبواب في السور البراني، ومثلها في الجواني، وليس كل واحد تجاه الآخر، ولكن جعله أزور عن الذي يليه، ولهذا سميت بغداد الزوراء، لازورار أبوابها بعضها عن بعض، وقيل سميت بذلك لانحراف دجلة عندها. وبنى قصر الإمارة في وسط البلد ليكون الناس منه على حد سواء، واختط المسجد الجامع إلى جانب القصر، وكان الذي وضع قبلته الحجاج بن أرطأة.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>