للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الخليفة المأمون ينشئ بيت الحكمة ببغداد.]

العام الهجري:٢١٥

العام الميلادي:٨٣٠

تفاصيل الحدث:

أنشئت هذه المكتبة في القرن الثاني الهجري (الثامن الميلادي) على يد هارون الرشيد وذلك بعد أن ضاقت مكتبة القصر بما فيها من كتب , وعجزت عن احتواء القراء المترددين عليها , مما جعله يفكر في إخراجها من القصر , وإفرادها بمبنى خاص بها , يصلح لاستيعاب أكبر عدد من الكتب , ويكون مفتوحا أمام كل الدارسين وطلاب العلم. فاختار لها مكانا مناسبا , وأقام عليه مبنى مكونا من عدة قاعات , قاعة للاطلاع , وقاعة للمدارسة , وقاعة لنسخ الكتب الجديدة وتجليدها , وقاعة للترويح عن النفس وللاستراحة , ومسجدا للصلاة , ومكانا يبيت فيه الغرباء , تتوفر فيه مقومات الحياة من طعام وشراب وغيره , ومخزنا للكتب , نظمت فيه بحيث صار لكل فن من الفنون العلمية مكان خاص به , وتوضع فيه مرتبة في دواليب، ثم زودها بما تحتاج إليه من أثاث ومرافق , وأحبار وأوراق للدارسين , وعين لها المشرفين على إدارتها , والعمال القائمين على خدمة ورعاية زائريها. وواصل ابنه المأمون بعده الاهتمام بتلك المكتبة فأحضر مئات النساخ والشراح والمترجمين من شتى اللغات؛ لتعريب ونقل الكتب من لغتها الأصلية, حتى غدت من أعظم المكتبات في العالم , ووضع بها مرصدا؛ ليكون تعليم الفلك فيها تعليما عمليا، يجرب فيها الطلاب ما يدرسونه من نظريات علمية , وبنى بها مستشفى لعلاج المرضى وتعليم الطب , إذ كان يؤمن بأن العلم النظري وحده لا جدوى منه. وكتب إلى ملك الروم يسأله الإذن في إنفاذ ما عنده من العلوم القديمة المخزونة المورثة عن اليونان , واجتمع لدى المأمون بذلك ثروة هائلة من الكتب القديمة , فشكل لها هيئة من المترجمين المهرة والشراح والوراقين, للإشراف على ترميمها ونقلها إلى العربية , وعين مسئولا لكل لغة يشرف على من يترجمون تراثها , وأجرى عليهم الرواتب العظيمة , حيث جعل لبعضهم خمسمائة دينار في الشهر, أي ما يساوي ٢كيلو جرام ذهبا تقريبا , بالإضافة إلى الأعطيات الأخرى , إذ أعطى على بعض الكتب المترجمة وزنها ذهبا. وبعضهم كان يقوم بترجمة الأصل إلى لغته هو , ثم يقوم مترجم آخر بنقله إلى العربية وغيرها , ولم يقتصر دور المترجمين على الترجمة فقط وإنما قاموا بالتعليق على هذه الكتب، وتفسير ما فيها من نظريات , ونقلها إلى حيز التطبيق , وإكمال ما فيها من نقص , وتصويب ما فيها من خطأ , حيث كان عملهم يشبه ما يسمى بالتحقيق الآن , وما إن انتهى عصر المأمون حتى كانت معظم الكتب اليونانية والهندية والفارسية وغيرها من الكتب القديمة في علوم الرياضة والفلك والطب والكيمياء والهندسة موجودة بصورتها العربية الجديدة بمكتبة بيت الحكمة.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>