للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اعتقال الإمام (أحمد بن حنبل) و (محمد بن نوح) في بغداد وسوقهما إلى طرسوس ليقابلا المأمون.]

العام الهجري:٢١٨

العام الميلادي:٨٣٣

تفاصيل الحدث:

بعد أن أحضر إسحاق بن إبراهيم العلماء والمحدثين لامتحانهم كان من بينهم الإمام أحمد ومحمد بن نوح وغيرهم كثير ولما انتهت النوبة إلى امتحان أحمد بن حنبل، قال له: أتقول إن القرآن مخلوق؟ فقال: القرآن كلام الله لا أزيد على هذا، فقال له: ما تقول في هذه الرقعة؟ فقال أقول (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشورى: ١١] فقال رجل من المعتزلة: إنه يقول: سميع بأذن بصير بعين. فقال له إسحاق: ما أردت بقولك سميع بصير؟ فقال: أردت منها ما أراده الله منها وهو كما وصف نفسه ولا أزيد على ذلك. فكتب جوابات القوم رجلا رجلا وبعث بها إلى المأمون، فلما وصلت جوابات القوم إلى المأمون بعث إلى نائبه يمدحه على ذلك ويرد على كل فرد ما قال في كتاب أرسله. وأمر نائبه أن يمتحنهم أيضا فمن أجاب منهم شهر أمره في الناس، ومن لم يجب منهم فابعثه إلى عسكر أمير المؤمنين مقيدا محتفظا به حتى يصل إلى أمير المؤمنين فيرى فيه رأيه، ومن رأيه أن يضرب عنق من لم يقل بقوله. فعند ذلك عقد النائب ببغداد مجلسا آخر وأحضر أولئك وفيهم إبراهيم بن المهدي، وكان صاحبا لبشر بن الوليد الكندي، وقد نص المأمون على قتلهما إن لم يجيبا على الفور، فلما امتحنهم إسحاق أجابوا كلهم مكرهين متأولين قوله تعالى (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) [النحل: ١٠٦] الآية. إلا أربعة وهم: أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، والحسن بن حماد سجادة، وعبيد الله بن عمر القواريري. فقيدهم وأرصدهم ليبعث بهم إلى المأمون، ثم استدعى بهم في اليوم الثاني فامتحنهم فأجاب سجادة إلى القول بذلك فأطلق. ثم امتحنهم في اليوم الثالث فأجاب القواريري إلى ذلك فأطلق قيده. وأخر أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح الجند لأنهما أصرا على الامتناع من القول بذلك، فأكد قيودهما وجمعهما في الحديد وبعث بهما إلى الخليفة وهو بطرسوس، وكتب كتابا بإرسالهما إليه. فسارا مقيدين في محارة على جمل متعادلين رضي الله عنهما. وجعل الإمام أحمد يدعو الله عز وجل أن لا يجمع بينهما وبين المأمون، وأن لا يرياه ولا يراهما، فلما كانوا ببعض الطريق بلغهم موت المأمون فردوا إلى الرقة، ثم أذن لهم بالرجوع إلى بغداد، فاستجاب الله سبحانه دعاء عبده ووليه الإمام أحمد بن حنبل، فلم يريا المأمون ولا رآهما، بل ردوا إلى بغداد.

(تنبيه): التاريخ الميلادي تقريبي نظراً لاشتماله على أكثر من عام هجري أحياناً

<<  <  ج: ص:  >  >>