للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها - دراسة في أحاديث الأحرف السبعة - مذاهب الأئمة فيها - ضرورتها والحكمة منها - دحض التخرصات عنها]

المؤلف/ المشرف:حسن ضياء الدين عتر

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار البشائر الإسلامية ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٠٩هـ

تصنيف رئيس:علوم قرآن

تصنيف فرعي:قرآن - قراءته ومشكله وغريبه ولغاته وإعرابه

خاتمة الكتاب

لقد جبنا أنحاء البحث، وناقشنا فيه معظم وجوه النظر في المسائل الهامة المتعلقة به. وأيدينا رأينا فيها مدعوماً بالدليل النير الواضح. ولتمام الفائدة نرى عرض نتائج ما سبق عرضاً سريعاً يجمع أطراف الموضوع للقارئ، ملخصاً فيما يأتي:

أولاً: إن القبائل العربية ـ لعوامل عديدة ـ تخالفت في استعمال لغتها تخالفاً بيِّناً. وهم أميون يتعذر على معظمهم التكلم بما ليس في استعمال قبائلهم. لكن برزت من لغة القبائل جميعها لغةٌ واحدة امتازت باستعمال المنتخب من الكلام العربي هو أفصحه وأبلغه، ألا وهي لغة قريش.

على أن الأعم من الكلام العربي مجمع عليه بين القبائل، لا اختلاف فيه في بناء الكلمة أو حركات إعرابها. لكنه قد يختلف في صور النطق والأداء اختلافاً يسراً، إلا أنه كان متحكماً في ألسن العرب الأميين تحكماً شديداً. لقد نزل القرآن عربياً خالصاً لا شية فيه. وقد نفينا وَهْمَ مَنْ توهم وجود كلام أعجمي في القرآن. ورأينا أن الكلمات المشتركة بين العربية وغيرها من اللغات، التي ورد بعض منها في القرآن، ترجع فيما توصلنا إليه بعد التحقيق الدقيق إلى أحد عوامل ثلاثة:

الاشتقاق من أصل لغوي واحد قديم، أو الاتفاق بين اللغات في وضع اللفظ، أو التعريب.

ثانياً: ولما كانت لغات القبائل العربية متفاوتة في الفصاحة وكان أفصحها إطلاقاً لغة قريش، قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم. نزل القرآن بلسانهم أولاً. وكان طبيعياً أن يصعب على كثير من أبناء القبائل الأخرى قراءة القرآن بلسان قريش، لأنهم ألِفوا غيرها، إذ استحكمت فيهم لغات قبائلهم، وقد يتعذر بعض ألفاظ القرآن على عامتهم في كثير من الأحيان لأنهم أميون، وما تزال فيهم بقية من العصبية للقبيلة ولموروثاتها، فلو كُلفوا الخروج عن عاداتهم في صور نطقهم وأساليب كلامهم لكابدوا في ذلك حرجاً ومشقة لا مثيل لهما. لذلك قضت الحكمة الإلهية بإنزال القرآن على سبعة أحرف، فقرؤوا القرآن بلغاتهم بيسر وبسهولة.

ثالثاً: وقد تبين أن إنزال القرآن على سبعة أحرف ليس أمراً ضعيف الثبوت، كما توهم المستشرقون وأذنابهم. وليس أمراً ظنياً يحتمل الأخذ والرد، بل هو أمر قطعي لما بيَّنا من تواتر الحديث والقراءات المتداولة بالتواتر من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا. ولقد حكم الرسول على منكر الأحرف بالكفر إذا بلغته بصورة تفيد العلم اليقيني.

رابعاً: وقد بينت لنا دلالات الأحاديث أن الأحرف سبعة على الحقيقة. وأنها منزلة من الله تعالى، وأن على المؤمن أن يقرأ ما تيسر له منها، غير مجادل من خالفه في قراءته، إن كان يقرأ بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

خامساً: إن من معاني الحرف في اللغة الجانب، وقد أُطلق على حرف الهجاء، كما استُعمل في الدلالة على وجه من الكلمة التي تقرأ على عدة وجوه في القرآن الكريم.

وتعددت المذاهب في معرفة المراد من الأحرف بالحديث النبوي. وقد عرضناها وميزنا منها الخاطئ الذي لا يقوم على دليل مقبول اَلبتة، مما يعتمد على دليل مقبول في الجملة، وبينا أن القول الفصل هو أن الأحرف السبعة لغات سبع هي أشهر وأفصح لغات العرب أنزل الله القرآن بها، رحمة بعباده وتيسيراً عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>