للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علاج القرآن الكريم للجريمة]

المؤلف/ المشرف:عبدالله بن محمد الشنقيطي

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:مكتبة ابن تيمية - القاهرة ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٣هـ

تصنيف رئيس:علوم قرآن

تصنيف فرعي:مشاكل وحلول

خاتمة البحث

وتشمل مقارنة بين الشريعة الإسلامية وبين القوانين الوضعية، ثم بيان شمول القرآن لمصالح البشر بأمثلة منه، ثم توصيات، ونتائج البحث.

أولا: المقارنة بين الشريعة الإسلامية وبين القوانين الوضعية:

تمهيد:

من المعلوم أن القائلين بأن الشريعة الإسلامية لا تصلح للعصر الحاضر - وأن التطور الحضاري والرقي المتمثل في الاكتشافات الحديثة والمهارات الصناعية مما أنتجته المدنية الحديثة من تشطير ذرة وزرع لقلب وصعود للسماء وإيجاد آلات دقيقة تصنع في الغالب ما يصنعه الإنسان مع سرعتها وجودة عملها - لا يبنون رأيهم هذا على دراسة علمية متعمقة ولا على حجج منطقية قائمة على مقدمات يقينية صادقة في الربط بين تلك المقدمات لكون الدراسة العلمية والمنطق يقتضيان الحكم بتفوق الشريعة الإسلامية على القوانين الوضعية في جميع المجالات التي تخدم الأمن والاستقرار وتقليل الإجرام ومكافحته. وفي وضع العقوبة المناسبة لكل جرم وفي مراعاتها لظروف الجريمة والمجرم وفي سموها، ومن تدبر في واصمي الشريعة بالقصور في علاجها للجرائم وفي وضعها للقوانين المسيرة لشؤون الأمة، فإنه يرى الواصم أحد فريقين:

فريق درس القانون ولم يدرس الشريعة الإسلامية قط.

وفريق لم يدرس القانون ولا الشريعة الإسلامية.

وكلا الفريقين ليس أهلا للحكم على الشريعة لجهله أحكامها جهلا مطبقا، والجاهل بالأمر لا يصح حكمه عليه.

وفي الحقيقة أن الجاهلين للشريعة الإسلامية بنوا حكمهم عليها بعدم صلاحيتها للعصر الحاضر بقياس فاسد وليس على دراسة منظمة، لكون الشريعة قديمة، والقوانين الوضعية المستحدثة لا تمت بصلة إلى القوانين الوضعية القديمة، لأن القوانين الحديثة مبنية على نظريات محدثة واعتبارات اجتماعية وإنسانية لم تكن لها وجود في القوانين القديمة.

ويظنون أن الشريعة الإسلامية من جملة تلك القوانين القديمة، فيدمجونها في تلك القوانين زعما منهم أن الجميع سواء ولا يصلح للعصر الحاضر.

وهذا خطأ فاحش ووجه خطئهم أنهم سووا بين شيء من وضع البشر وبين شيء من وضع رب البشر. فهم في قياسهم هذا يقيسون بين أمرين مختلفين تمام الاختلاف.

وبالنظر لنشأة كل من الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية تظهر الفروق جلية بينهما.

وبذلك يتبين عدم صحة القياس بينهما لاشتراط المساواة في القياس بين المقيس والمقيس عليه.

فإذا انعدمت المساواة والتشابه فلا قياس وإن حصل قياس فهو باطل لعدم مشابهة الأصل بالفرع ولعدم وجود علة رابطة بينهما ولاختلاف الحكم.

فتبين بذلك الخلاف بين الشريعة والقانون وبعد تبيين الفروق بينهما أبين ما لكل منهما من ميزات على الآخر وأيهما أكثر حلا للمشاكل. وأعدل في أحكامه وأجمع لمصالح البشر.

أهم الميزات بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي:

الشريعة لم تأت لزمن دون زمن وقد وضعت للاستمرار والدوام وجاءت من عند الله كاملة، أما القانون الوضعي فوضع لا للاستمرار ولا للدوام وإنما وضع لزمن محدد يتغير بعد مدة لكونه وضع حسب حاجة جماعة، لذا ينشأ ضئيلا محدود الفقرات لا يسع إلا قليلا من الأحكام، ثم بعد ذلك يتطور شيئا فشيئا حتى يشمل كثيرا من أحكام الناس، ولكن بعد مدة لابد من تغييره وذلك للأمور التالية:

<<  <  ج: ص:  >  >>