للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام مناهجهم وأصولهم وسماتهم - قديما وحديثا وموقف السلف منهم]

المؤلف/ المشرف:ناصر بن عبدالكريم العقل

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار الوطن - الرياض ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٦هـ

تصنيف رئيس:فرق وملل ونحل

تصنيف فرعي:خوارج

الخاتمة: تنبيهات ونصائح وتوجيهات:

وفي الختام أحمد الله تعالى على أن وفق وأعان على إتمام هذه الحلقة ولا يسعني في نهايتها بعد شكر الله والثناء عليه بما هو أهله، إلا أن أسدي نصيحة خالصة صادقة إن شاء الله لعامة المسلمين، وشبابهم بخاصة وبصفة أخص أهل هذه البلاد المباركة، حيث لا تزال بحمد الله أسلم من غيرها؛ فأقول: يعيش المسلمون اليوم في جميع الدنيا نهضة إسلامية مباركة، وهي بين الشباب أكثر، وكما أن لهذه النهضة جوانب إيجابية كثيرة، وأنها في جملتها أحيت الأمل بين المسلمين، وتحققت بها، وستتحقق بها كذلك مصالح عظيمة للإسلام بإذن الله. إلا أنها مع ذلك قد يعتريها ما يعتري البشر من النقص والخلل والتقصير، وهذا أمر طبيعي يصاحب كل موجات التطور في التاريخ، ولا أدل على ذلك من آخر عهد الصحابة رضي الله عنهم، فقد صاحب موجات الفتح العارمة التي واكبت الفتح الإسلامي الأول لبلاد العراق والشام ومصر، حيث دخلت الإسلام أمم وشعوب وقبائل كثيرة كلها حديثة عهد بجاهلية وكفر؛ من العرب والفرس والروم والقبط وغيرهم. فقد صاحب هذه الموجات نزعات كثيرة من الأهواء والبدع والأحداث الجسام، كالفتنة على الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه وما أعقبها من فتن، وظهور الفرق الأولى: الخوارج والشيعة (السبئية)، وبدع النساك والعباد، وبدع القدرية، وقد واجه الصحابة رضي الله عنهم والتابعون وأئمة الهدى وولاة الأمر، هذه الظواهر بالحكمة والفقه والعلم والحلم والحزم والقوة، بحسب مقتضيات الحال. ومع ذلك فإن هذه الظواهر الشاذة والنزعات البدعية لم تحجب الخير عن البشرية، فقد صاحب ذلك قيام أعظم حضارة في التاريخ قامت على العلم والجهاد. وكذلك أمر هذه النهضة الحديثة، فإن وجود النزعات الشاذة بين بعض فصائلها لا يعني فقدان الأمل فيها بل العكس، ولا يعني أنها لن تؤتي ثمارها، بل إن هذه الثمار الطيبة قد بدأت بوادرها في كل مكان، لكن ظهورها المفاجئ مع قلة الموجّه والناصح، وبُعد كثير من فئاتها عن توجيه العلماء المباشر، جعلها تعيش مرحلة حرجة هي أشبه بمرحلة الطفولة والمراهقة والتخبط إلى حد ما، ونحن على ثقة بإذن الله بأنها ستتجاوز هذه المرحلة إلى الرشد والتعقل، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. إذن فالواجب على العلماء وطلاب العلم في الأمة أن يسددوا الأمة ويرشدوها ويوجهوها إلى الخير، وأن يعالجوا الأخطاء التي تنشأ كما فعل الصحابة والتابعون وتابعوهم. ومن هذا المنطلق فإني سأذكر هنا شيئا مما ظهر لي من بعض الأخطاء التي تحدث من فئات وأفراد وجماعات وتوجهات، من نزعات وسمات تحتاج إلى نظر وتصحيح ومناصحة. مع العلم أن ذكرها هنا لا يعني الحكم على أصحابها بأنهم أهل أهواء، وأبرأ إلى الله من أن أتهمهم بذلك، لكنها سمات وظواهر ونزعات وصفات وخصال متفرقة قد لا توجد مجتمعة عند طائفة بعينها. كما أني أخشى إن لم تعالج هذه الظواهر ويناصح أهلها أن تتجارى بأصحابها وتتأصل وتتكاثر، حتى تكون بذورا للأهواء (لا قدر الله).

<<  <  ج: ص:  >  >>