للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رفع الحرج في الشريعة الإسلامية]

المؤلف/ المشرف:عدنان محمد جمعة

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار العلوم الإنسانية - دمشق ̈الثالثة

سنة الطبع:١٤١٣هـ

تصنيف رئيس:أصول فقه

تصنيف فرعي:رفع الحرج

الخَاتِمة

الله جل جلاله عليم .... حكيم .... رحيم ... وهو سبحانه يبين الطريق المستقيم الذي فيه سعادة الدارين.

لقد اقتضت حكمته سبحانه أن لا يدع أمة قبل إرسا ل خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام إلا وأرسل إليها رسولاً " وإن من أمة إلا خلا فيها نذير " / فاطر: ٢٤ /، حتى إنه لا قرية إلا خصت ببشير ونذير " وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون " / الشعراء: ٢٠٨ /. " وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم من أهل القرى " / يوسف: ١٠٩ /.

وبدهي بعد هذا إمكان وجود أكثر من نبي على الأرض في وقت واحد قبل الإسلام.

ومن حكمته تعالى أن أوحى إلى كل رسول من أولئك الرسل تعاليم تبين لأقوامهم مافيه صلاح أمرهم في الدنيا، والآخرة.

وهكذا فكل رسول منهم كان يخصص لأداء مهمته في قوم معينين. قال عليه الصلاة والسلام: (كان النبي يبعث إلى قومه خاصة) [متفق عليه].

وكانت شريعته تناسب قومه بما يتفق وعقولهم، وزمانهم، بحيث إذا ذهب ذلك النبي، وانقضت فترة أراد الله بعدها إرسال نبي آخر، أنزل عليه شريعة جديدة تتناسب مع عصرهم الجديد، وتطور عقولهم.

فشرائع الله فيما قبل الإسلام مرحلية تتلائم مع تطور إِدراك الناس ... ذلك الإدراك المرتبط بالحس غالباً. هذا إلى جانب كونها خاصة بأقوام الرسل عليهم الصلاة والسلام.

وعندما بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم كان عقل البشرية قد دخل مرحلة النضج، وفكرها قد ولج مرحلة الاكتمال، وصارت مهيأة لقبول الشريعة العقلية المنطقية التي تتصف بثلاث خواص:

الأولى: العموم لكل الأمم، والأقوام، والأمكنة، والأزمنة. قال تعالى: {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً} [سبأ: ٢٨]. {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً} [الأعراف:١٥٧].

وقال عليه الصلاة والسلام: (بعثت إلى الناس عامة) [متفق عليه].

الثانية الشمول: حيث تنظم كل شؤون الحياة: عقيدة، وعبادة، وأخلاقاً، وأحوالاً شخصية، وقضايا جنائية، وأحوالاً اجتماعية، ومعاملات، وأحوالاً اقتصادية، وسياسية داخلية، وخارجية.

الثالثة: الخلود ما دام الإنسان العاقل موجوداً على ظهر الأرض حتى قيام الساعة. فكان من المنطق السليم أن تجيء شريعة الله هذه التي أنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم خاتمة لما قبلها, ومعترفة بما سبقها قبل تحريفه، وتبديله، وناسخة له. قال تعالى: {وأنزلنا إِليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه} [المائدة: ٤٨]. كما شاء الله بحكمته أن يكون محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين.

قال عز وجل: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين} [الأحزاب: ٤٠]. وقال عليه الصلاة والسلام: (أنا خاتم النبيين ولا فخر)

وقال صلى الله عليه وسلم: (أنا العاقب الذي ليس بعده نبي) [متفق عليه].

وبناء على كل هذا أرادها الله العليم، الحكيم، الرحيم، حنيفية، سمحة، يسيرة، حتى لا يبقى عذر لأي إِنسان يدير ظهره لتعاليمها، إذ هو آنذاك متبع لهوى نفسه، وسائر وفق ما تمليه عليه وساوس الشيطان.

أجل! إن الله رضيها متكفلة بإيصال الناس المتبعين لها إلى سعادتهم العاجلة، والآجلة، وذلك بما احتوته من تنظيم إلهي حكيم متحدية تنظيمات البشر الغارقة في الأهواء، والنقص.

" إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً" / الإسراء: ٩ /.

" وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله " / الأنعام: ١٥٣/.

ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " / آل عمران:٨٥/.

" إِن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " / ق: ٣٧/.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>