للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحكام الدين دراسة حديثية فقهية]

المؤلف/ المشرف:سليمان بن عبدالله القصير

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار كنوز إشبيليا - الرياض ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٦هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:فقه معاملات - أعمال منوعة

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه على ما أنعم عليَّ وتفضل من النعم الكثيرة التي لا أحصيها، ومنها أن وفقني لإتمام هذه الرسالة التي أرجو أن تكون سببًا في دخولي في زمرة من خدم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد:

فهذا جهد المقل استفرغته في جمع الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الدين من كتب السنة، وبيان شيء من أحكامها وفقهها، وقد بذلت فيها جهدي المستطاع فيما كان فيه من صواب فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فيمن نفسي والشيطان، وقد حاولت أن تكون رسالتي جامعة لمعظم أحكام الدين المستنبطة من تلك الأحاديث، وقد زادت الأحاديث المرفوعة في الدَّين عن مائة وخمسين حديثًا وهي ما بين صحيح وضعيف، وما بين أصول وشواهد، والآثار الواردة فيه عن الصحابة كثيرة يصعب حصرها لكني اعتنيت بالمهم منها خصوصًا إذا انعدمت الأحاديث المرفوعة أو قلت في المسألة المبحوثة.

وقد قمت بدراسة الأحاديث الأصول وما يحتاج إليه من شواهدها.

وتبين لي من خلال البحث في هذه الدراسة المتواضعة، والرجوع إلى المصادر الأصيلة بعض الأمور أذكر منها:

١ - أن دراسة موضوع واحد من مواضيع السنة هي طريقة علمية أصيلة، تعود بالنفع على الباحث والقارئ، وأنها تجمع للباحث بين الحسنيين: الرواية والدراية، ولعله إذا انتهج هذا المنهج في كتابة بعض الرسائل فإنه سيقدم للأمة موضوعات عليمة مدروسة دراسة شاملة.

٢ - أن كثيرًا من الأحاديث الموجودة في كتب السنة غير المشهورة ضعيفة أو معلة أو غريبة الإسناد أو المتن، وأن أئمة الحديث وجهابذته لم يتركوها ويعرضوا عنها إلا بسبب كونها معلةً أو غريبة، وأعني بالكتب المشهورة: الكتب الستة، ومسند أحمد، وموطأ الإمام مالك.

٣ - أن البحث عن ترجمة راو من رواة الكتب الستة سهل ومتيسر، لكن البحث عن ترجمة راو من غيرها شاق في الغالب، فقد مر بي عدد من الرواة من غير رواة الكتب الستة وبحثت عن ترجمتهم مدة أيام في كثير من المصادر والمراجع، واستخدمت جهاز الحاسوب ببرامجه المتعددة ولكني لم أظفر بترجمة لهم، وإن وجدت لبعضهم لم تكن الترجمة وافية فلا تجد فيها حكمًا على الراوي يشفي الغليل أو يبين درجة أحاديثه، فإن رواة غير الكتب الستة لم يعتن بهم العناية المطلوبة، ولم يؤلف في تراجمهم إلا كتبًا قليلة، على أن هذا القليل لم يأخذ سبيله إلى التحقيق والنشر.

٤ - أن بعض أحاديث الدين معلة بعلل توجب ضعفها أو التوقف فيها، وقد مر بي أكثر من اثنين وعشرين حديثًا معلاً؛ قد وقع اختلاف في رفعها ووقفها، أو في وصلها وإرسالها، واختلف في أسانيدها من بعض رواتها أو غير ذلك. وفي بعض هذه الأحاديث لم أقف على من بين علتها أو تكلم عليها من الأئمة، مع حرصي الشديد على أن أتوج عملي في كل حديث أدرسه بحكم لأئمة الحديث ونقاده، مستنيرًا بنظرهم الثاقب، وفي هذه الأحاديث المعلة ذكرت ما أعلمه من علتها مع قناعتي التامة بأن ما توصلت إليه لا يخلوا من خطأ أو نقص، وقد أعقب على قول بعضهم مما ظهر لي لا انتقادًا لهم رضي الله عنهم ولكن لأن الحكمة ضالة المؤمن؛ ولأن النتائج التي يتوصل لها الباحثون في مثل هذه المسائل ليست قطعية وحاسمة بل للنظر فيها مجال، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان من أسباب وقوفي على هذه العلل –بعد توفيق الله عز وجل- طريقة جمع المرويات الواردة في موضوع واحد والمقارنة بينها، وقد روي عن الإمام علي بن المديني أنه قال: ((الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه)) ().

ولذلك فإني أحث إخواني الباحثين على اختيار مثل هذه الموضوعات التي تعتمد على الاستقراء والمقارنة بين المرويات لما تحققه من فوائد جمة.

وفي الختام أسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يتقبل منا جميع أعمالنا، وأن يسدد خطانا، وأن يجزي علماءنا ومشايخنا عنا وعن المسلمين خير الجزاء، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>