للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأسهم حكمها وآثارها]

المؤلف/ المشرف:صالح بن محمد بن سليمان السلطان

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار ابن الجوزي - الدمام ̈الأولى

سنة الطبع:١٤٢٧هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:شركات

الخاتمة:

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تسمو النفوس الطيبات، أحمده على إتمام هذا البحث، وأشكره على سائر النعم المتتاليات، وأصلي وأسلم على معلم البشرية ومزكيها ومبين الحلال من الحرام، المحذر من الوقوع في المشتبهات، فضلاً عن اقترافات المحرمات. وبعد:

فإن الأسهم من أدق المعاملات وأكثرها شيوعاً وأخطرها تداولاً وأشدها ارتفاعاً وهبوطاً، والناس في معرفة أحكامها وتعلمها في تفاوت بين، فمنهم العارف كثير السؤال تورعاً عن الوقوع في الحرام وبعداً عن المتشابه، ومنهم المقصر في ذلك هم درجات، فمنهم الجاهل بأحكامها ومنها المتأول – وربما تأول بما يوافق هواه أو بحث وتعلق بكل قول ولو كان القائل به قليل حتى ولو اعتقد مخالفته الدليل.

ومنهم من دخل فيها من غير سؤال ولا تمييز بين حلال ولا حرام، فولغ فيها حتى عمي لسان حاله، يقول مقال الجاهلين: (الحلال ما حل في الجيب) غافلاً أو مغافلاً عن: {الذين يأكلون الربا لا يقومون غلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} [البقرة: ٢٧٥].

وعن: {ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} [البقرة: ٢٧٥]، وعن: {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} [البقرة: ٢٧٩]، وعن: {يمحق الله الربا ويربي الصدقات} [البقرة: ٢٧٦].

والأسهم منها ما لا يختلف في تحريمه وهو أسهم الشركات التي أصل نشاطها محرم، ومنها ما هو حلال بين وهي أسهم الشركات التي أصل نشاطها مباح ولم تدخل في معاملات محرمة، وبينهما درجة هي محل خلاف وهو ما كان أصل نشاطها حلال ووجد في نشاطها حلال ووجد في نشاطها أعمال محرمة قرضاً بالربا وإقراضاً له، والجمهور على تحريمها، وهو القول الذي تدل عليه ظواهر الكتاب والسنة والآثار عن الصحابة فضلاً عن المعقول المبني على مراعاة مقاصد الشريعة.

وقول من خالفه مبني على استدلال بقواعد لا تنهض على معارضة صريح تحريم الربا مطلقاً قليله وكثيره ...

- أن هناك فرقاً – بين المستثمر في عائد السهم وبين المضارب على فروق الأسعار في مسائل عدة، فالمستثمر استثمر أمواله في موجودات الشركة وأصولها – وهي موجودة ولها قيمتها. بخلاف المضارب، فقد يضارب على أسهم شركات خاسرة أو لا قيمة لها تقارب قيمتها السوقية، فهو يضارب على فروق الأسعار، وفيه شبه قوي بالمضاربة على المؤشر المجمع على تحريمه، وفيه مخاطرة تشبه القمار إلى حد كبير، وقد يكون بمنزله بيع المعدوم.

- أن المضاربة – عموماً – في أسواق الأسهم يعتريها شبه كثيرة منها أن هذه المضاربة لا تعدو أن تكون على أوراق مالية مستقلة عن الشركة المنسوبة إليها – بدلالة – البون الشاسع بين قيمتها السوقية وقيمتها الحقيقية، وهذه الورقة وسيلة لهذا البيع، وإلا فالواقع أنه مبادلة مال بمال، وهذا قول له وجه قوي، يشهد له واقع الحال.

- ومنها شدة المخاطرة الناشئة عن التقلب الحاد في الأسعار نتيجة التلاعب بأسعار السوق، هذه المخاطرة التي يدخل فيها المضارب وهو على وجل كبير من أن يغرم ويفقد أمواله أو جلها، بل خطورتها أشد من المقامر الذي قد لا يقامر إلا في القليل من ماله.

- ومنها أن الغش والتغرير ونشر الأخبار الكاذبة والمخادعة – صار وسيلة معتادة عند كثير من المتعاملين.

- أن المضاربة لا تعدو أن تكون تدويراً للأموال ومحلا للاتجار بها – وهذا يخالف ما قصدت به الأثمان، وأبعدت عن مجال استخدامها الصحيح في تنمية اقتصاد البلد وتنويع موارده ودعم برامجه، وتنويع مصادر دخله وتعدد وسائل الإنتاج، فضلاً عن تأثيراتها الاجتماعية من تفاقم حالة البطالة حينما حجبت هذه الأموال عن مشاريع منتجة تستوعب أعداداً كبيرة في العمل فيها, وإعالة أسرهم وسد فاقتهم، مع ما ترتب عليها من خلل عندما ذهب كثير من صغار المستثمرين ضحية تلك المضاربات فأغرقتهم الديون وأثقلت كاهلهم بعد أن استنزفت سائر ممتلكاتهم .. مع تأثيراتها النفسية والصحية الحادة والمؤلمة على الكثير. فضلاً عن تأثيراتها الشرعية من الإخلال بكثير من الشعائر والواقع شاهد على ذلك.

وهذا يستدعي إعادة النظر في هذه المضاربات وضبطها بضوابط الشرع وقواعده ومراعاة مقاصده.

هذه جمل مستفادة من هذه الدراسة راجياً أن تكون بداية لدراسات متعددة وبحوث متعمقة في هذا الموضوع الكبير، يشارك فيها المختصون المعنيون بمثل هذه الدراسات.

وختاماً، أسأل الله أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه صواباً على وفق سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>