للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاحتكار في نظر الإسلام]

المؤلف/ المشرف:صالح بن إبراهيم الشيبان

المحقق/ المترجم:بدون

الناشر:دار المسلم - الرياض ̈الأولى

سنة الطبع:١٤١٦هـ

تصنيف رئيس:فقه

تصنيف فرعي:احتكار وتسعير

الخاتمة

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وفي نهاية هذا البحث المتواضع أقول رأيي فيه حيث رعى الإسلام شؤون المسلمين، خاصة في ناحية بيعهم وشرائهم، وأوجد للمشاكل حلولاً مناسبة، ذلك لشمول الإسلام وكماله وفعاليته وتوازنه.

فالبون شاسع، والهوة سحيقة بينه وبين الأنظمة الوضعية.

فليس هو كالشيوعية الملحدة التي سلبت الفرد حريته وتمنعه من التصرف فيما يملك، بل تقضي على الملكية الفردية التي هي من صميم فطرته، وتجعله عبداً ذليلاً للأنظمة والطغاة.

وبعيداً كل البعد عن الرأسمالية الجائرة التي تمنح الفرد الحرية الكاملة على حساب المجتمع، فليس للمجتمع فيها حق أمام حقوق الأفراد. ولذلك يكون المال دولة بين الأغنياء، تستولي عليه فئة قليلة قد تتصرف باقتصاد العالم.

الإسلام في شموله وتوازنه يقف موقف الوسط، فللفرد فيه حقوق، وللمجتمع حقوق أخرى لا انفصال بينها، بل تتداخل وتترابط.

لا غرابة في شمول الإسلام وتوازنه، فهو أمر بديهي، لأنه صادر من عليم خبير، يعلم الظواهر والأسرار، وما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.

وإنه لأمر مضحك أن يتحاكم الناس إلى قوانين من صنع البشر، ويبحثوا عن حلول لمشاكلهم فيها.

وهم الذين يسارعون – إذا ما فسدت آله أو حصل بها خلل – إلى المهندس المختص بها ليقوم بإصلاحها. فمثلا – ولله المثل الأعلى – إذا ما حصل خلل في سيارة (ما) فلو ذهب بها إلى نجار ليصلحها وهو غير عارف بها لأصبح هذا العمل أضحوكة يتندر به في المجلس.

والإنسان أكثر تعقيداً من الآلاتِ، فإذا ما حصل له أي مشكلة أسرع إلى غير بارئه والخبير به سبحانه – ولله المثل الأعلى.

إنه التيه والضلال والعمى عن الحق.

وفي هذا البحث رأينا كيف حارب الإسلام الاحتكار وحاول القضاء عليه لما يترتب عليه من الأضرار البالغة بالناس سواء جماعة أو أفرادا. فمنع تلقي الركبان ووضع الخيار للمتلقي إذا وصل السوق.

وكذلك منع البيع أو الشراء للبادي بحيث لا يجوز بيع الحاضر للباد ولا يشتري له لما فيها من الأضرار بأهل السوق.

إلى جانب أن الإسلام جعل للجشعين حدوداً تضبطهم وتحد من جشعهم، فلولي الأمر أن يفرض سعراً عند الحاجة، أي عندما يتصرف التجار بأرزاق العباد على حسب أهوائهم فيمسكون السلع متى شاءوا، ويرفعون الأسعار متى أرادوا، ففي هذه الحالة للإمام أن يحدد سعراً معيناً للسلعة للطرفين، على الاختلاف السابق في التسعير.

وكذلك يمنع الإسلام أخذ الامتياز المؤدي إلى الإضرار والظلم للناس والتصرف بأرزاقهم على حسب أهواء التجار.

وهكذا للإمام أن يتخذ حدوداً وإجراءات متنوعة لدرء المفاسد ولإصلاح الأحوال، وذلك وفق الشرع والمصلحة لا وفق الهوى والشهوة، وأن يقف الموقف الحاسم إزاء المعاندين أصحاب النفوس اللئيمة الذين لا ينظرون إلا إلى ذواتهم ومصالحهم، فيتصرف الإمام التصرف الحكيم الذي يوقف كلاً عند حده.

وفي النهاية أحمد الله سبحانه وتعالى وأسأله أن يلهمنا جميعاً السداد والتوفيق إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تم بحمد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>